مخترع كندي يستخدم طابعات ثلاثية الأبعاد لتيسير حياة ذوي الإعاقة

مخترع كندي يستخدم طابعات ثلاثية الأبعاد لتيسير حياة ذوي الإعاقة

المحرر: سماح ممدوح حسن - كندا

اشتهر الشاب نيكولاس فاجن، كنموذج ملهم لقوة الإرادة والإبداع الإنساني في مواجهة الإعاقة، فبعد إصابته في حادث سير غيّر مجرى حياته، قرر أن يكرّس وقته لتصميم وصناعة أدوات مبتكرة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة على ممارسة حياتهم اليومية باستقلالية وكرامة.

يقول فاجن الذي يعيش في مدينة وورمان شمال ساسكاتون لمنصة CBC News، ، إنه لم يكن يتخيل أن حادثًا بسيطًا على الطريق سيضعه أمام تحدٍّ بهذا الحجم، ففي عام 2020، وأثناء دراسته لعلوم الحاسوب، تعرّض لحادث سير نتج عنه إصابة دماغية أثرت على ذاكرته وعلى قدرته في استخدام الجانب الأيمن من جسده، ومع ذلك لم يستسلم للواقع الجديد.

يقول فاجن: «قضيت وقتًا طويلًا في إعادة التأهيل، لا أتذكر الكثير من تلك الفترة، لكن بعد انتهاء العلاج كان عليّ أن أتعلم كيف أعيش مع إعاقة جسدية كبيرة»، مضيفًا أنه شعر بالإحباط في البداية بسبب صعوبة أداء مهام بسيطة مثل قص الأظافر أو قراءة كتاب، وهي أمور يراها الآخرون عادية.

البحث عن حلول مبتكرة

مع مرور الوقت، بدأ فاجن يلاحظ أن الأدوات المساعدة المتوفرة للأشخاص ذوي الإعاقة محدودة جدًا، وغالبًا ما تتطلب برامج أو أنظمة تشغيل معقدة. يقول:«الكثير من التقنيات المساعدة موجودة، لكنها تفرض عليك استخدام برامج أو أجهزة معينة، وهو ما يجعلها محدودة، وأنا لا أحب أن أكون مقيدًا».

من هنا، تعرّف فاجن على مبادرة Makers Making Change التابعة لجمعية Neil Squire Society، وهي منظمة غير ربحية كندية تعمل على توظيف التكنولوجيا في خدمة ذوي الإعاقة.

يقوم البرنامج بربط الأشخاص من أصحاب المهارات التقنية، أو ما يُعرف بالمُصنّعين، بالأشخاص الذين يحتاجون إلى أدوات مساعدة مصممة خصيصًا لهم، اكتشف فاجن أن المبادرة تقدم منحًا لشراء طابعات ثلاثية الأبعاد، فقرر المشاركة.

يقول بابتسامة: «فكرت في أنني أريد أن أصنع تكنولوجيا مساعدة، تقدمت بالطلب وتم قبولي».

من الفكرة إلى التطبيق

بدأ فاجن عمله باستخدام مخططات جاهزة يوفرها البرنامج، وكانت أولى أدواته قاعدة لتثبيت مقص الأظافر تساعده على استخدام يده اليمنى التي فقدت مرونتها، يقول: «لم أكن عاجزًا عن قص أظافري، لكنني لم أستطع فعل ذلك بدون هذه الأداة بالتحديد، كانت تجربة رائعة لأنها زادت من استقلاليتي، وأصبحت قادرًا على القيام بها بمفردي تمامًا، وهذا منحني شعورًا بالتمكين».

بعد النجاح الأول، قرر الشاب الكندي أن يتعمق أكثر، فتعلم برامج التصميم ثلاثي الأبعاد وبدأ بابتكار أدواته الخاصة، كانت أولى محاولاته تعديل أداة لمساعدة المصابين بازدواج الرؤية على التركيز أثناء القراءة، لم تكن التجربة مثالية، لكنه لم يستسلم.

بمرور الوقت، أنتج فاجن مجموعة من الأدوات المساعدة، منها محوّل للعب «نينتندو سويتش» جهاز ألعاب فيديو، بيد واحدة، وحوامل للبطاقات ليستطيع الأشخاص الذين لا يمكنهم الإمساك بها المشاركة في الألعاب الورقية.

يؤكد فاجن أن هذه الابتكارات الصغيرة تحمل قيمة كبيرة، مضيفا: «مجرد أنك تملك قدرات مختلفة لا يعني أنك لا تستحق الاستمتاع بالحياة مثل الآخرين، من حقك أن تلعب وتضحك وتمارس هواياتك».

تكنولوجيا تصنع الأمل

تشير دراسة صادرة عن هيئة الإحصاء الكندية عام 2022 إلى أن نحو 32.7% من الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد لديهم احتياجات غير ملبّاة تتعلق بمهام الحياة اليومية، مثل الأعمال المنزلية والنظافة الشخصية وتحضير الوجبات.

ويقول القائمون على برنامج Makers Making Change إن هدفهم هو سد هذه الفجوة من خلال تكنولوجيا، اصنعها بنفسكDIY ، التي تسمح للمتطوعين والهواة بإنتاج أجهزة وأدوات عملية منخفضة التكلفة.

آخر ما يعمل عليه فاجن هو تصميم أداة لتسهيل استخدام مقابض الأبواب لامرأة مصابة بالتهاب المفاصل لا تستطيع الإمساك بالمقابض التقليدية، ورغم نجاحه في تصميم العديد من الأدوات، يقول فاجن إنه ما زال يشعر أن أمامه طريقًا طويلًا: «لدي رغبة في العمل على مشاريع أكثر من عدد المشاريع المتاحة. أبحث عن أشخاص في ساسكاتشوان يحتاجون إلى أدوات خاصة، وسأعمل معهم لتصميمها مجانًا».

نموذج للإلهام الإنساني

قصة نيكولاس فاجن تبرز الجانب الإيجابي للتكنولوجيا عندما تُسخّر لخدمة الإنسان، لا سيما الفئات الأكثر احتياجًا، فبفضل طابعته الثلاثية الأبعاد، أصبح قادرًا على تحويل معاناته الشخصية إلى مشروع مجتمعي يزرع الأمل في حياة الآخرين.

يقول فاجن في ختام حديثه: «أنا لا أريد أن أعيش محصورًا داخل حدود إعاقتي، أريد أن أفتح الأبواب، مجازيًا وحرفيًا، أمام الآخرين ليعيشوا حياة كاملة ومستقلة».

من وورمان في كندا، يبرهن هذا الشاب الكندي على أن الإرادة يمكن أن تُعيد تشكيل الواقع، وأن الطباعة ثلاثية الأبعاد ليست مجرد تكنولوجيا مستقبلية، بل وسيلة إنسانية لردم الفجوة بين العجز والقدرة، وبين الحاجة والإبداع.

المقالة السابقة
25 كرسياً متحركاً و16 فرصة عمل جديدة لذوي الإعاقة في محافظة سوهاج بمصر
المقالة التالية
كفيفات من عدن يشاركن في ملتقى النور الثقافي بسلطنة عُمان

وسوم

أمثال الحويلة (488) إعلان عمان برلين (569) اتفاقية الإعاقة (725) الإعاقة (160) الاستدامة (1223) التحالف الدولي للإعاقة (1195) التشريعات الوطنية (967) التعاون العربي (637) التعليم (97) التعليم الدامج (70) التمكين الاقتصادي (103) التنمية الاجتماعية (1214) التنمية المستدامة. (102) التوظيف (75) التوظيف الدامج (937) الدامج (68) الدمج الاجتماعي (748) الدمج المجتمعي (181) الذكاء الاصطناعي (98) العدالة الاجتماعية (85) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (621) الكويت (107) المجتمع المدني (1190) الولايات المتحدة (71) تكافؤ الفرص (1184) تمكين (102) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (627) حقوق الإنسان (91) حقوق ذوي الإعاقة (105) دليل الكويت للإعاقة 2025 (470) ذوو الإعاقة (176) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1138) ذوي الإعاقة (602) ذوي الهمم (66) ريادة الأعمال (502) سياسات الدمج (1168) شركاء لتوظيفهم (491) قمة الدوحة 2025 (755) كود البناء (555) لغة الإشارة (81) مؤتمر الأمم المتحدة (448) مجتمع شامل (1179) مدرب لغة الإشارة (748) مصر (136) منظمة الصحة العالمية (773)