دبلن – جسور- متابعة: سماح ممدوح حسن
قادت الطفلة الأيرلندية”كارا دارمودي” البالغة من العمر 14 عاما، حملة صاخبة ضد حكومة بلادها، تتهمها بانتهاك قانون تقييم احتياجات أطفال التوحد، ما تسبب في أضرار دائمة لآلاف الأطفال الذين حُرموا من التشخيص المبكر والرعاية المناسبة.
كارا، التي باتت تُعرف بأنها أصغر ناشطة في مجال حقوق ذوي الإعاقة بأيرلندا، أمضت الشهر الماضي 50 ساعة في اعتصام مفتوح أمام البرلمان الأيرلندي”لينسر هاوس” مطالبة بإنهاء التأخير الخطير في إجراء تقييمات الاحتياجات لهؤلاء الأطفال، كما التقت ثلاثة رؤساء وزراء خلال مسيرتها القصيرة، لكن الفشل الحكومي في الاستجابة لمطالبها دفعها إلى تصعيد موقفها.
انتهاك صريح للقانون
تستند كارا في احتجاجها إلى قانون الإعاقة لعام 2005، والذي يُلزم الدولة الأيرلندية بإجراء”تقييم احتياجات” أي طفل يُشتبه بإصابته بالتوحد خلال ستة أشهر من الإحالة الطبية، وهو ما لا يحدث على أرض الواقع.
تقول كارا: “دعونا لا نُخفي الحقيقة: الحكومة تنتهك القانون بشكل منهجي. في 93% من الحالات، يحدث التقييم بعد المدة القانونية، وهذا يُسبب أضرارًا لا تُعالج للأطفال المصابين بالتوحد.”
وتضيف بغضب:”رئيس الوزراء نفسه أقر أن ما يحدث هو”خرق تقني للقانون”. لكنني أقول له: لا، هذا انتهاك صارخ ومتعمد للقانون، وليس مجرد تفصيل إداري.”

“صندوق كارا” وتمويل غير كافٍ
كارا، التي حصلت سابقًا على إشادة رسمية من رئيس الوزراء السابق بعدما خصص لها مبلغ 10 ملايين يورو ضمن ما سُمي ب”صندوق كارا”، تؤكد أن التمويل لا يكفي، ولا يصح أن يتحول إلى مجرد حل رمزي دون معالجة جذرية للأزمة.
وتتابع في حديثها للصحافة المحلية:”لست مصابة بالتوحد، لكن لدي شقيقان، نيل (12 عامًا) وجون (8 أعوام) كلاهما يُعاني من توحد حاد وإعاقات ذهنية شديدة. وقد فشلت الدولة في توفير التقييم والدعم لهما في الوقت المناسب، وأُلحِق بهما ضرر دائم لا يمكن إصلاحه.”
نداء عاجل: إعلان الطوارئ الوطنية
في ختام رسالتها، تطالب كارا الحكومة الأيرلندية بإعلان”حالة طوارئ” وطنية وتشكيل قوة مهام عاجلة للتواصل مع جميع الأخصائيين النفسيين والمعالجين في القطاع الخاص، وتسريع تقديم الدعم للأطفال المحتاجين.
وتختم حديثها بالقول:”يوجد اليوم أكثر من 15,000 طفل ينتظرون التقييم، وقد يرتفع العدد إلى 25,000 بحلول أعياد الميلاد. كم يجب أن يصل الرقم كي تعترف الحكومة بأن هناك كارثة؟ 30,000؟ 50,000؟”
تكشف قصة كارا دارمودي عن حجم المعاناة التي يعيشها أطفال التوحد في أحد أكثر بلدان العالم تقدمًا، وتطرح تساؤلات جادة عن مسؤولية الحكومات تجاه الفئات المهمّشة، خاصة حين يتحوّل الإهمال الإداري إلى خرق للقانون وإيذاء ممنهج لمستقبل الأطفال.