Skip to content

مساعٍ أمريكا لتقييد تشريعات الذكاء الاصطناعي يهدد فرص ذوي الإعاقة

مساعٍ أمريكا لتقييد تشريعات الذكاء الاصطناعي يهدد فرص ذوي الإعاقة

الولايات المتحدة- جسور- فاطمة الزهراء بدوي

تشهد الولايات المتحدة جدلًا متصاعدًبشأن مقترح، بفرض تجميد مؤقت على التشريعات المنظمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي على مستوى الولايات، في وقت يتزايد فيه اعتماد ملايين المواطنين، خاصة ذوي الإعاقة، على أدوات تكنولوجية تعتمد على هذا المجال. ويرى مراقبون أن فرض مثل هذا الحظر التشريعي لن يمنع المخاطر، بل قد يعوق التطور المنشود في توظيف الذكاء الاصطناعي لصالح الفئات الأكثر احتياجًا.

بحسب بيانات المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، يُقدّر عدد البالغين ذوي الإعاقة في الولايات المتحدة بما يفوق 70 مليون شخص، أي نحو ربع السكان الراشدين. هؤلاء يعتمدون بشكل متزايد على أدوات وتقنيات مساعدة ذكية، بدءًا من تطبيقات النطق والقراءة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ووصولًا إلى الأجهزة المنزلية المبرمجة صوتيًا، وتكنولوجيا الحركة والتنقل.

وتُعد التشريعات المحلية وسيلة أساسية لحماية المستهلكين من التمييز الخوارزمي، أو من الانتهاكات التي قد تمس الخصوصية والكرامة. لكن تضمين بند التجميد ضمن مقترح قانون المصالحة المالية قد يحرم على الولايات سن أي تشريع تنظيمي أو وقائي خاص بالذكاء الاصطناعي خلال فترة الحظر، وهو ما يُهدد بشكل مباشر الفئات المستضعفة، ومنها ذوو الإعاقة.

منظمات حقوقية ومراكز أبحاث، منها مركز الديمقراطية والتكنولوجيا (CDT)، حذرت من تداعيات هذا التجميد التشريعي. ورأت في تقارير متعددة أن الإجراء المقترح “إشكالي إجرائيًا”؛ إذ يخالف قاعدة بيرد الشهيرة التي تمنع تضمين مواد غير متعلقة بالموازنة في قوانين المصالحة المالية. ورغم هذا الخلل، يواصل بعض المشرعين الدفع بالبند ذاته ضمن حزم تشريعية مختلفة.

يُجمع خبراء على أن التقنية ليست محايدة بطبيعتها، وأن الأنظمة الذكية تُبنى غالبًا على بيانات قد تعكس تحيزات المجتمع. ومع تطور الذكاء الاصطناعي، تزداد الحاجة إلى تشريعات تضمن العدالة والشفافية، خاصة مع توجه حكومات وشركات إلى استخدامه في القطاعات الصحية والتعليمية والتوظيف. بدون ضمانات قانونية، قد يُقصى ذوو الإعاقة من فرص الحياة الكريمة التي يُفترض أن تسهم التكنولوجيا في إتاحتها.

من أبرز أمثلة الاستخدام المفيد للذكاء الاصطناعي في حياة ذوي الإعاقة: المساعدات الصوتية مثل “سيري” و”أليكسا”، وتطبيقات تحويل النص إلى كلام، ونظارات ذكية للقراءة البصرية، وأجهزة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد نوبات الصرع أو التنبؤ بسقوط مرضى الشلل الرعاش. ومع هذا، فإن تطوير هذه الحلول واختبارها يحتاج إلى أطر قانونية مرنة وشاملة، وليس إلى تعطيل تشريعي قد يعيق الابتكار.

يرى بعض المحامين أن المشرعين الفيدراليين يجب أن يدعموا الولايات، لا أن يقيدوها، خاصةً وأن لكل ولاية خصوصية قانونية وديموغرافية. القيود المركزية الشاملة لا تلائم دائمًا الفوارق الدقيقة بين المجتمعات، وقد تترك المواطنين دون حماية فعلية في مواجهة خوارزميات غير خاضعة للمحاسبة.

بينما تتقدم دول أخرى، مثل كندا وفرنسا، نحو تشريعات توازن بين الابتكار والحماية، تخاطر الولايات المتحدة بالتخلف عن الركب، خاصة إن تم إقرار تجميد يمنع النقاش العام وصياغة الحلول التشريعية التشاركية. مثل هذا النهج لا يحرم الولايات من ممارسة دورها فحسب، ولكنه يضعف ثقة المواطنين في المؤسسات السياسية، ويترك الفئات الهشة مكشوفة أمام نظام تقني يتغير بسرعة.

خطر التجميد لا يكمن في تأخير الحلول فقط، بل في تكريس غيابها أيضًا. ومع تزايد الاعتماد على الأنظمة المؤتمتة، قد تصبح الأخطاء التقنية مصيرًا محتومًا لذوي الإعاقة إذا لم يُصاحب التقدم التشريعي للتقدم التكنولوجي. ولذلك، تبدو الحاجة ملحّة إلى السماح للولايات بممارسة مسؤولياتها الدستورية، ووضع تشريعات تضمن ألا يُستخدم الذكاء الاصطناعي ضد من هو في أمس الحاجة إليه.

المقالة السابقة
أوقاف سوهاج تجتمع بالأئمة ومقيمي الشعائر والمؤذنينمن من ذوي الإعاقة
المقالة التالية
جمعية سعودية تطلق مبادرة “أشبال إبصار” لدمج ذوي الإعاقة البصرية