Skip to content

مصباح “ليد” ومريض شلل دماغي يحولان “سونغ” لأشهر متبرعة في كوريا

مصباح “ليد” ومريض شلل دماغي يحولان “سونغ” لأشهر متبرعة في كوريا

كوريا الجنوبية – جسور- فاطمة الزهراء بدوي 

تمكنت سونغ سون-هي،  سيدة كورية جنوبية تعيش في مدينة غوانغجو، تبلغ من العمر 57 عامًا، من تغيير مسار حياتها بعد سنوات طويلة من الفقر، والاعتماد على المساعدات الحكومية، لتصبح اليوم من أبرز المتبرعين في منطقتها، وتمنح الأمل لغيرها، ممن يعانون.

عاشت حياة قاسية، حيث واجهت فيها أمراضًا مزمنة، ووضعًا اقتصاديًا هشًا، اضطرها للاعتماد الكامل على دعم الدولة. شقتها الصغيرة، التي كانت بالكاد تستقبل ضوء الشمس بسبب المباني المجاورة، بقيت مظلمة لسنوات طويلة، تمامًا كما حياتها آنذاك.

لكن نقطة التحول الحقيقية جاءت من لمسة إنسانية بسيطة، هو مصباح “ليد” صغير قدمه لها موظف رعاية اجتماعية، هذه الهدية المتواضعة، والتي جاءت دون سابق إنذار، أحدثت شرارة دفء في أعماقها، وأيقظت فيها شيئًا من الأمل، حينها قررت سونغ أن تُعيد ترتيب حياتها بالكامل، وأن تطرق باب الدراسة من جديد، رغم تقدم سنها ووضعها الصحي.

وضعت هدفًا واضحًا أمام عينيها: الحصول على شهادة في إدارة المرافق السكنية. لم يكن الأمر سهلًا، لكنها ثابرت، وواصلت الليل بالنهار، ونجحت في اجتياز الامتحانات، لتبدأ بعد ذلك رحلة جديدة كليًا في سوق العمل.

منحها العمل كمديرة منشآت سكنية استقلالًا ماديًا، وقربها أكثر من الأشخاص المهمشين. وفي إحدى نوبات عملها، التقت برجل يعاني من شلل دماغي، طريح الفراش، يعاني بصمت من العزلة والمرض، أعاد هذا اللقاء إلى ذاكرتها تلك اللحظة التي تلقت فيها المصباح، وأدركت أن العطاء يمكن أن يغير حياة إنسان بالكامل.

فكرت في الأمر مطولًا، ثم قررت أن تتحول من متلقية للعون إلى مانحة له، بدأت بالتبرع لمراكز الرعاية الاجتماعية ومكاتب الخدمات المجتمعية في حيها، واستمرت في ذلك على مدار عشر سنوات، في صمت ودون ضجيج.

لكن مؤخرا، وبحسب ما أعلنت عنه بلدية منطقة “سيو” بمدينة غوانغجو، انضمت سونغ إلى نادي “الشرفاء”، وهو أول مجتمع تبرعات محلي في كوريا الجنوبية، أسسته الحكومة المحلية في نوفمبر الماضي لتكريم الأفراد الذين يتعهدون بالتبرع بمبالغ تفوق 30 مليون وون.

وتعهدت بدفع 500 ألف وون (ما يعادل 367 دولارًا أمريكيًا) شهريًا لمدة خمس سنوات، وبدأت بتبرع فوري قدره 5 ملايين وون عند انضمامها للنادي. لم تفعل ذلك طلبًا للشهرة أو التكريم، ولكن إيمانًا منها بأن واجبها هو أن تكون شعاعًا مضيئًا في عتمة حياة الآخرين، تمامًا كما كان ذلك المصباح الصغير في يومٍ ما شعاعًا لحياتها.

في تصريحاتها للسلطات المحلية، قالت: “ذلك المصباح لم يضئ الغرفة فقط، ولكنه أنار طريقي بالكامل.. لا أنسى أبدا نظرة الدفء من الموظف الذي أهداه إليّ، ولا دعمه بعد أن اجتزت الامتحان.. لقد تلقيت الكثير من الخير، وحان الوقت لأرده”.

قصة سونغ سونغ تتجاوز كونها حكاية نجاح شخصي؛ إنها درس إنساني عميق عن معنى العطاء، وعن قدرة اللمسات الصغيرة على تغيير مسارات كاملة.

المقالة السابقة
من “جسور” إلى كل من يصنع الفرق.. عام هجري مبارك
المقالة التالية
هنا جسور.. منصة إخبارية تهتم بذوي الإعاقة بالكويت والعالم العربي