وقّع أكثر من ألف شخص على عريضة تطالب الحكومة الويلزية بالتدخل لإنقاذ جمعية خيرية في شمال ويلز، تُدعى أنهداو Anheddau، والتي تقدم الدعم لـ140 شخصًا من ذوي الإعاقات الشديدة في مناطق جويند وكونوي، أنجليسي، دينبيشاير، وريكسهام.
تخوض الجمعية، التي تقدم خدماتها منذ أكثر من 35 عامًا للأشخاص المصابين بالتوحّد وصعوبات التعلم واضطرابات الصحة النفسية وذوي الاحتياجات المعقدة، معركة من أجل البقاء بسبب الارتفاع الحاد في التكاليف.
وكُشف أن الجمعية تواجه عجزًا ماليًا يبلغ 400 ألف جنيه إسترليني نتيجة لزيادة أجر المعيشة الحقيقي وارتفاع المساهمات الوطنية لأصحاب العمل، ما يهدد 400 وظيفة داخل المنظمة.
أُطلقت العريضة عبر موقع البرلمان الويلزي بواسطة الزوجين لورا ومارك باجبي من مدينة بالا وابنتهما ريبيكا. ويعتمد ابنهما جون على خدمات جمعية أنهداو، لكن العائلة أعربت عن قلقها بشأن مستقبل رعايته إذا توقفت الجمعية عن العمل.
تطالب العريضة الحكومة الويلزية بضمان أن التمويل الذي تقدمه للمجالس المحلية لدعم الجمعيات الخيرية يتم تحويله بالكامل إلى تلك الجمعيات، كما تدعو إلى تطبيق معايير عادلة في التعاقد، والانخراط في حوار مع مقدّمي الخدمات حول آثار التمويل، والالتزام بإصلاحات طويلة الأمد لحماية خدمات الرعاية الأساسية.
وفي حال وصول عدد الموقعين إلى 10,000 شخص، ستُطرح العريضة للنقاش في البرلمان الويلزي
انضمت أسر أخرى ممن يعتمد أفرادها على خدمات الجمعية إلى حملة الدعم، من بين هؤلاء تريستان ويليامز، الذي تتلقى شقيقته ريان ويليامز، وهي مصابة بإعاقة شديدة، الرعاية من جمعية أنهداو.
نشأ تريستان وريان في مدينة بانجور، وكان والدهما ويل باري ويليامز مديرًا لمدرسة داخلية متخصصة في تعليم ذوي الإعاقة.
قال تريستان إنه يدعم العريضة الإلكترونية لإنقاذ الجمعية، مشيرًا إلى أن ضمان استمرارية الرعاية واستقرار مستقبل الموظفين أمر حيوي.
وأضاف:«بالنسبة لي، الأهم هو استمرارية الرعاية، وأن يكون لدى العاملين وضوح ويقين بشأن مستقبلهم. كيف يمكننا ضمان حصول الأشخاص الضعفاء مثل أختي على أفضل رعاية ممكنة إذا لم يكن مقدّمو الرعاية أنفسهم مطمئنين على وظائفهم؟»
وأعرب عن سعادته بتجاوز عدد الموقعين على العريضة الألف شخص، مؤكدًا أن تغيير الجهة المقدمة للخدمة سيؤدي إلى حالة من عدم اليقين ومشكلات في التوظيف.
وتابع:«إذا حاولت أي جهة جديدة تقديم الخدمات بتكلفة أقل، فذلك يعني أننا سنحصل على خدمة أدنى من المستوى المطلوب.»
وأوضح أن شقيقته ريان قادرة بدنيًا لكنها تمتلك قدرات إدراكية لطفل يتراوح عمره بين ستة وتسعة أشهر بسبب مضاعفات أثناء الولادة. وهي تعيش في دار رعاية صغيرة تضم ثلاثة أشخاص منذ 23 عامًا، تولت جمعية أنهداو إدارتها قبل أكثر من 10 سنوات بعد أن استحوذت عليها من منظمة أخرى.
وأضاف:«ريان تعتمد اعتمادًا كاملًا على مقدّمي الرعاية في جميع تفاصيل حياتها، من الأكل إلى الأنشطة اليومية، وتحتاج إلى دعم دائم بنظام شخص لشخص، وأحيانًا شخصان لشخص واحد، فقط لتتمكن من العيش بأمان. كنا نعيش معًا كأسرة حتى تقدّم والدانا في العمر وأصبحا غير قادرين على رعايتها، فانتقلت إلى دار الرعاية. والداي رحلا الآن، وأنا أصبحت المسؤول القانوني عنها».
أشار تريستان، الذي يعيش حاليًا في مقاطعة ويلتشير، إلى أنه يشعر بالقلق إزاء مستوى الرعاية الذي ستحصل عليه شقيقته إذا لم تتمكن جمعية أنهداو من الاستمرار.
وقال:«لدينا التزام أخلاقي لضمان حصول هذه المنظمات على التمويل الكافي كي يعيش هؤلاء البالغون حياة ذات معنى. الخطر الأكبر هو أنه إذا لم تتمكن أنهداو من تقديم الخدمة ضمن التكاليف الحالية، فهل ستأتي جهة أخرى لتديرها بسعر أقل؟ إذا حدث ذلك، فإن مستوى الجودة سينخفض بالتأكيد، وسيتأثر عدد العاملين».
وأضاف:«من المهم أن تتمكن ريان من القيام بأنشطة في المجتمع مثل السباحة والخروج وممارسة الحياة الطبيعية. لم تكن حياتها سهلة منذ البداية، لذا فهي على الأقل تستحق أن تحظى بالرعاية المستمرة من أشخاص تعرفهم منذ سنوات طويلة.
قد لا تستطيع التعبير بالكلام، لكنها تملك مشاعر وأحاسيس، وسيكون مؤلمًا جدًا أن تفقد هذا الاستقرار».
ودعا تريستان أعضاء المجالس المحلية إلى تحمل مسؤوليتهم المالية ودعم الجمعيات مثل أنهداو، مؤكدًا أن الأمر لا يقع فقط على عاتق الحكومة الويلزية، بل يتطلب أيضًا تحركًا جادًا من السلطات المحلية لإنقاذ هذه الخدمات الحيوية.
من جانبها، قالت الرئيسة التنفيذية لجمعية أنهداو، كلير هيجينز، إن الجمعية أصبحت في وضع هش للغاية، بعد سنوات من نقص التمويل وارتفاع التكاليف.
وأوضحت أن العاملين يبذلون جهدًا هائلًا، لكن قطاع الرعاية الاجتماعية يواجه ضغوطًا غير مسبوقة، مشيرة إلى أنه «من دون تحرك عاجل، قد لا تتمكن جمعيات مثل جمعيتنا من البقاء»
كما حذّر ماريو كريفت، رئيس منتدى الرعاية في ويلز Care Forum Wales والحاصل على وسام الإمبراطورية البريطانية (MBE)، من أن انهيار منظمات مثل أنهداو سيكون له عواقب إنسانية عميقة.
وقال:«ارتفع أجر المعيشة الحقيقي بنسبة 5%، وتكلفة التأمين الوطني بنسبة 37%، ومن المدهش أن يتوقع صانعو القرار أن مقدّمي خدمات الرعاية الاجتماعية يمكنهم امتصاص هذه الزيادات دون تمويل إضافي.
للأسف، هذه ليست مشكلة أنهداو فقط، بل أزمة تطال قطاع الرعاية بأكمله في ويلز».
وأضاف أن استمرار هذا الوضع سيؤدي حتمًا إلى تقليص الخدمات أو إغلاق عدد من المؤسسات في المستقبل القريب.