أجرت مجلة The Global Observatory حوارًا مع المصرية الدكتورة هبة هجرس، المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي شددت على أن الوقت قد حان، لاعتماد «أجندة الإعاقة والسلام والأمن»، على غرار الأجندات الأممية السابقة، التي أحدثت تحولات جوهرية في الوعي والسياسات الدولية.
ففي الوقت الذي يحتفل فيه العالم بالذكرى الخامسة والعشرين لأجندة المرأة والسلام والأمن، والذكرى العاشرة لأجندة الشباب والسلام والأمن، تبرز أصوات تطالب بإطلاق أجندة موازية، خاصة بذوي الإعاقة، تدعو إلى الاعتراف بدورهم، وحمايتهم في أوقات الصراع، وإشراكهم في عمليات السلام، هبة هجرس كانت واحدة من اهم المطالبين بذلك.
فرغم أن عدد ذوي الإعاقة في العالم يُقدَّر بحوالي 1.3 مليار إنسان، أي ما يعادل 16% من سكان الأرض، فإن هذه الفئة، حتى يومنا هذا، لا تزال في كثير من الأحيان خارج دائرة الاهتمام، في قضايا السلم والأمن الإنساني، رغم أنها الأكثر تأثرًا بالحروب والنزاعات.
من هي هبة هجرس؟
تُعد الدكتورة هبة هجرس واحدة من أبرز الناشطات في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في مصر والعالم، وأستاذة أكاديمية، وباحثة في قضايا الدمج والمساواة، تشغل حاليًا منصب المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
تقول الدكتورة هبة هجرس، إن غزة تمثل اليوم أحد أكثر الأمثلة المأساوية على العلاقة بين الحرب والإعاقة، فـ«قبل الحرب، قُدّر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في غزة، بنحو 58 ألف شخص، وفق الإحصاءات الرسمية، لكن الرقم الحقيقي، كان بلا شك أعلى من ذلك».
ومع اندلاع الحرب، أُصيب أكثر من 167 ألف شخص، وتقدّر منظمة الصحة العالمية أن 25% من هذه الإصابات ستُخلّف إعاقات دائمة، أي أن أكثر من 40 ألف شخص جديد، سيصبحون من ذوي الإعاقة، ويحتاجون إلى دعم وإعادة تأهيل، فقط ليتمكنوا من تسيير حياتهم اليومية.
وتضيف: «ما يحدث في غزة هو عملية إعدام بطيئة للأشخاص الذين لا قدرة لهم على الاحتمال، فذوي الإعاقة هم الأكثر هشاشة وضعفًا، وما يتعرضون له الآن استهداف مباشر وعميق لإنسانيتهم».
تشير التقارير الأممية إلى أن 28 طفلًا يُقتلون يوميًا في غزة، منذ بداية الحرب، بينما يفقد أكثر من عشرة أطفال أطرافهم يوميًا، لتصبح غزة المنطقة الأعلى عالميًا في عدد الأطفال مبتوري الأطراف، مقارنة بعدد السكان.
وتحكي الدكتورة هبة هجرس قصة مؤلمة، لطفلة تبلغ من العمر 14 عامًا مصابة بالشلل الدماغي، فقدت كرسيها المتحرك في غارة جوية، واضطر والدها وأمها لحملها أثناء النزوح جنوبًا، حتى قالت لأمها من شدة التعب: «ماما، انتهى الأمر، اتركيني هنا وإهربي».

وتقول إن هذه المشاهد تجسد المعاناة المركبة، الناتجة عن تقاطع العمر والنوع الاجتماعي والإعاقة، وسط غياب الخدمات الطبية والدعم النفسي، وانعدام بيئة الإيواء المناسبة.
ماذا قالت هبة هجرس عن ذوي الإعاقة في غزة؟
وتؤكد المقررة الخاصة للأمم المتحدة، أنه منذ الأيام الأولى لحرب غزة، اتضح أن ذوي الإعاقة لم يتلقوا إشعارات الإخلاء أو التحذير من الغارات، لأن أنظمة الإنذار غير متاحة بلغة الإشارة، أو بصيغ صوتية مناسبة للمكفوفين، فالكثيرون لم يتمكنوا من التحرك أو الإخلاء في الوقت المناسب، ما أدى إلى مقتل العديد منهم في منازلهم.
وتروي قصة ناشط كفيف، قُتل داخل منزله، لأنه لم يتلقَ تحذيرًا مسبقًا، تاركًا خلفه أربعة أطفال صغار، كما تشير إلى حالة شاب مصاب بإعاقة ذهنية، هاجمته الكلاب العسكرية داخل منزله، ومُنع أفراد أسرته من إنقاذه.
تلفت هبه هجرس إلى أن البنية التحتية الداعمة للأشخاص ذوي الإعاقة في غزة قد دُمّرت بالكامل تقريبًا، بما في ذلك المباني والمراكز التعليمية والعلاجية.
ومن أبرز الأمثلة، قصف مقر جمعية أطفالنا للصم في غزة عام 2024، وهي مؤسسة تقدم خدمات حيوية للأطفال ذوي الإعاقات السمعية.
تقول هجرس:«تراجعت كل الإنجازات السابقة في مجال الدمج والخدمات الصحية والتعليمية للأشخاص ذوي الإعاقة لعقود، ما يجري الآن يعيدنا سنوات طويلة إلى الوراء».
ورغم الصورة القاتمة، تستشهد هجرس بتجارب إيجابية من دول أخرى، مثل كولومبيا، حيث شاركت منظمات ذوي الإعاقة في تنفيذ اتفاق السلام، ومراقبة العدالة الانتقالية، وفي جنوب السودان، تم تنظيم حوارات سلام دامجة، مكّنت النساء والشباب من ذوي الإعاقة من التعبير عن أولوياتهم، ضمن اتفاقات محلية.
وتوضح أن هذه النماذج تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن ذوي الإعاقة ليسوا مجرد ضحايا، بل شركاء فاعلون في بناء السلام.
هبة هجرس تفسر سر غياب ذوي الإعاقة عن أجندة السلم والأمن
تؤكد الدكتورة هجرس أن غياب ذوي الإعاقة عن أجندات السلم والأمن هو خلل جوهري، يجب تصحيحه، وتقول:«نحن غير موجودين في السياسات، وإذا لم نكن موجودين، فلا يمكن أن نكون آمنينن، أو نحصل على الدعم اللازم لنعيش بكرامة».
وتدعو هبة هجرس إلى إطلاق أجندة أممية جديدة، تستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 2475 لعام 2019، الذي دعا لأول مرة إلى حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، في مناطق النزاع، مشيرة إلى أن هذه الأجندة المقترحة ستعمل على:


.png)















































