«الإسكوا» ومنظمة العمل الدولية تطلقان ميثاقًا عربيًا لتوظيف ذوي الإعاقة

أطلقت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الإسكوا» بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ILO اليوم «الميثاق العربي للتوظيف وريادة الأعمال الشاملة»، وذلك خلال مؤتمر إقليمي عُقد في مقر الأمم المتحدة في بيروت.

يأتي هذا الميثاق كالتزام إقليمي جماعي لتعزيز بيئات عمل وريادة أعمال أكثر شمولًا، ويهدف إلى تحفيز التزامات من القطاع الخاص لدعم إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل من خلال إجراءات عملية ومسؤولة وقابلة للقياس، تتماشى مع المعايير الدولية.

قال وزير العمل اللبناني محمد حيدر في كلمته بالمؤتمر:«لقد علمتنا التجربة أن الدمج في مجالي العمل وريادة الأعمال ليس مجرد قضية اجتماعية، بل له قيمة اقتصادية وتنموية، إذ يجلب دماء جديدة وعقولًا مبدعة تسهم في خدمة المجتمع بطريقة أكثر إنسانية وعدالة. إن نجاح أي سياسة دمج لا يعتمد على التشريعات فحسب، بل على المعتقدات والمبادئ الاجتماعية. فالمجتمعات التي تحتضن تنوعها هي الأكثر قدرة على الابتكار والصمود».

وفي المنطقة العربية، تُظهر البيانات المتاحة أن معدلات توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة لا تزال أقل بكثير مقارنة بغيرهم، على الرغم من وجود تشريعات وسياسات وطنية تضمن حقهم في العمل.

ويرجع هذا التفاوت ليس إلى نقص القدرات أو الرغبة في العمل، بل إلى استمرار العوائق الثقافية والتنظيمية والمادية داخل أماكن العمل، مما يعيق المشاركة المتكافئة. وتُعدّ إزالة هذه الحواجز شرطًا أساسيًا لتحقيق المساواة وتوفير عمل لائق للجميع.

من جانبها، وصفت مهريِّناز العوضي، نائبة الأمين التنفيذي للإسكوا لشؤون البرامج، هذا المؤتمر بأنه محوري في مسار التمكين الاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة، مؤكدة:«إن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة اقتصاديًا ليس مجرد قضية حقوق إنسان، بل هو محرك رئيسي للتنمية والازدهار، تجاهل هذه الفئة يؤدي إلى خسارة كبيرة في المواهب والقدرات الفردية، كما ينعكس سلبًا على الاقتصادات الوطنية، إذ قدّرت الإسكوا قيمة هذه الخسائر بنحو 28.5 مليار دولار سنويًا، أي ما يقارب 2% من الناتج المحلي الإجمالي».

أما مديرة منظمة العمل الدولية الإقليمية للدول العربية، رُبى جردات، فقد رأت في إطلاق الميثاق «خطوة مهمة نحو بناء أنظمة حماية اجتماعية شاملة، وتطوير منظومات ريادة أعمال دامجة»، مشيرة إلى أن:«فقط 16% من الأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة العربية يحصلون على دعم مالي، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 39%، فضلًا عن التحديات الكبيرة التي تواجهها النساء في الحصول على عمل لائق نتيجة العوائق الجسدية والمجتمعية والرقمية».

كما ألقى ممثلون عن الكويت وسلطنة عمان كلمات أكدوا فيها التزام بلديهما بدعم الجهود الإقليمية لتعزيز الدمج في سوق العمل، وبمواصلة تبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

كما شددوا على أهمية التعاون العربي الجماعي لتنفيذ الميثاق وترجمته إلى سياسات وبرامج واقعية ملموسة على الأرض.

وخلال المؤتمر، تبادل المشاركون أفضل الممارسات والسياسات الداعمة لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل وريادة الأعمال، واستعرضوا دراسات حالة من المنطقة العربية ومناطق أخرى لتعزيز الحوار والتعاون جنوب–جنوب، وتبادل الخبرات حول استراتيجيات بناء أسواق عمل شاملة.

وعلى هامش المؤتمر، أُقيم معرض للتوظيف جمع عدداً من الشركات اللبنانية الدامجة، التي عرضت تجاربها أمام الطلاب والباحثين عن عمل من ذوي الإعاقة. وأتاح المعرض فرصة قيّمة للمشاركين لاكتشاف مسارات مهنية متنوعة، والتواصل مع أصحاب العمل، والتعرف إلى فرص التدريب والتوظيف المتاحة في سوق العمل اللبناني