أصيبت الطفلة الفلسطينية «ماريا بكر» بنوع نادر من سرطان الدماغ وهى في الثالثة من عمرها، في عام 2003، ما جعل والدتها د. آمال العفيفي تلجأ إلى الرئيس الراحل ياسر عرفات في ذلك الوقت، كل ما فعلته أنها طرقت باب مكتبه، ولحسن الحظ أنه كان موجودًا
استقبل الرئيس الراحل الأم المكلومة بلطف، وبمجرد علمه بحالة ماريا أمر بسفرها فورًا إلى مستشفى استثماري في إسرائيل على نفقته، وهناك أجرت ماريا عمليتين، كل واحدة مدتها سبع ساعات، لاستئصال الورم، الذي كان قريبًا من عصب البصر، ما جعلها تفقد نظرها بعد العملية الثانية.
تقول والدتها الدكتورة آمال لـ«جسور»: «كانت هذه هي بداية رحلة ماريا في طريق العلاج الطويل»… ومن غزة إلى القاهرة اصطحبت الأم ابنتها من خلال تحويلة طبيبة، قائلة: «مرضها يحتاج إلى علاج دقيق، وندرة الحالة، اضطرتني أن أنقل ماريا إلى مستشفى السلام الدولي بالمعادي على نفقتي، وهناك حصلت ابنتي على جلسات ليزر، وظلت تحت الرعاية لمدة 6 أشهر، واستردت بصرها، وأصبحت ترى الأشخاص والأشياء ولكن بصعوبة».

«ماريا الآن في الرابعة والعشرين من عمرها».. تقول الدكتورة آمال، وتصمت قبل أن تواصل: «لكنها تبدو لمن يراها وكأنها في العاشرة فقط.. يعني شابة في جسد بنت صغيرة، والمشكلة أن كل التحويلات الآن تركز على أطفال مرضى السرطان، في حين لم تعد ماريا طفلة حسب الأوراق الرسمية».
«منذ 21 عامًا والسرطان يلتهم جسد ابنتي».. تقول الأم قبل أن تنتقل إلى محطة جديدة في علاج ماريا في 2013: «عادت ماريا من جديد للعلاج في تل أبيب، وأجرت عملية ثالثة، أدت إلى حدوث شلل نصفي، وأصبح جزؤها الأيسر لا يتحرك، وخضعت للعلاج الطبيعي، إلى أن تمكنت من الحركة ولكن ببطء».
وإلى القاهرة مرة أخرى حملت الأم ابنتها إلى العيادات الخاصة، ليقرر الأطباء علاجها بأقراص الكيماوي، الذي كان يأتي من ألمانيا بأسعار غالية جدًا، ولكنه تمكن من تحسين حالتها.
تقول د. آمال: «.. ولكن بعد الحرب الأخيرة على غزة، لا توجد عناية، ولا سفر، تفاقمت حالة ماريا من جديد، وأصبحت تتعرض للإغماء لساعات، وفي المستشفى، اكتشف الأطباء ازدياد حجم الورم، نتيجة عدم الاهتمام، وفي الوقت الحالي لا تستطيع ماريا التحكم في البول، وذاكرتها تآكلت، وأصبحت دائمة النسيان، إضافة إلى بطء الحركة، ووقوعها المتكرر نتيجة عدم الاتزان، وهي تمشي، ما جعل جسدها يمتلئ بالكدمات».

وتواصل: «شهيتها للطعام متضاربة، أحيانًا تأكل بنهم، وأحيانًا ترفض الطعام، تنام لفترات طويلة، ولا يفارقها القلق حين تستيقظ، إضافة إلى ذلك فقدت مناعتها، وانتشر على جسدها الـ”حبوب”».
«حصلت ماريا على تحويلة (إنقاذ حياة) حيث إن أي تأخير في تلقيها للعلاج المتخصص والدقيق في مراكز طبية مجهزة خارج البلاد قد يؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها، ومع ذلك فهناك حالات تسافر إلى الخارج أقل خطورة منها، بينما ماريا ما تزال تنتظر» تقول الأم وهي تتمسك بالأمل، وترتجف خوفًا من أن تفقد ابنتها نظرها مرة أخرى، في ظل الظروف التي يعانون فيها من جوع وعدم وجود علاج.
وضع ماريا التي تقيم مع عائلتها في مخيم النصيرات يزداد سوءًا في كل ثانية تمر، ما يجعل والدتها تستغيث بتسريع سفرها لأي دولة ترحب باستقبالها، وتطالب بتذليل أي عقبات إجرائية أو قانونية قد تعترض طريق سفرها والمرافقين لها نظرًا لظروفها الصحية الحرجة وعدم قدرتها على السفر بمفردها.