من متطوّع مرفوض إلى موظف مُكرَّم. قصة شاب بريطاني من أصحاب التوحد

أعلنت سلسلة متاجر «أسدا» عن توظيف الشاب البريطاني توم بويد، البالغ من العمر 28 عامًا، وهو من ذوي اضطراب طيف التوحّد، بعد أن استغنت عنه سلسلة متاجر «ويتروز» رغم أنه تطوّع لديها لسنوات طويلة دون مقابل.

,وحسب صحيفة الجارديان  كان بويد قد عمل منذ عام 2021 متطوّعًا في فرع «ويتروز» بمنطقة تشيدل هولم بمدينة مانشستر الكبرى شمالي إنجلترا، بمساعدة أحد موظفي الدعم المتخصصين. ووفقًا لوالدة فرانسيس بويد، فقد كانت تجربة التطوّع تلك تمنحه «شعورًا بالانتماء والهدف»، وأضفت على حياته استقرارًا نفسيًا ومعنويًا كبيرًا.

لكن العائلة فوجئت مؤخرًا بقرار إدارة المتجر عدم السماح له بالعودة إلى العمل، وذلك بعدما طلبت الأسرة منحه بضع ساعات مدفوعة الأجر أسبوعيًا «ليس من باب المساعدة الخيرية، بل تقديرًا للجهد الكبير الذي بذله توم خلال أكثر من 600 ساعة تطوّع»

وقالت والدته في منشور على فيسبوك الأسبوع الماضي إنّ إدارة «ويتروز» «تعاملت مع ابنها ببرود واستخفاف»، مؤكدة أنّها لم تتلقَّ أي شكر أو اعتذار من المتجر، ولم تُقدَّم أي تسهيلات تراعي حالة توم رغم ما ينص عليه قانون المساواة البريطاني لعام 2010 بشأن التعديلات المعقولة لذوي الإعاقة.

وأضافت: «لقد شعرنا بخيبة أمل شديدة. توم كان محبوبًا من زملائه في العمل، وكل ما طلبناه هو تقدير بسيط لجهده وإخلاصه، لكنه استُبعد في صمت دون كلمة شكر أو تقدير»

وأثار منشور الأم تفاعلًا واسعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي في بريطانيا، إذ أعرب الآلاف عن تعاطفهم مع الشاب وانتقدوا سلوك المتجر. وقالت الأم إنها «تأثرت بشدّة من حجم الدعم الذي تلقوه»، وكشفت عن «خبر سار» تمثل في عرض عمل قدّمه له أحد فروع سلسلة «أسدا» المنافسة.

وأضافت: «تلقينا عرضًا من أسدا يمنح توم وظيفتين أسبوعيًا مدفوعتي الأجر، مدة كل منهما خمس ساعات، مع مرونة كاملة في ساعات العمل. لقد أبدوا تفهّمًا إنسانيًا رائعًا وقالوا إنهم مستعدون لتكييف ظروف العمل معه متى احتاج. كم هو جميل أن نجد شركة تتحلّى بهذا القدر من الرحمة والاحترام».

وأعقب ذلك موجة انتقادات حادّة لشركة «ويتروز» على الإنترنت، إذ أعلن بعض العملاء مقاطعتهم للمتجر احتجاجًا على الطريقة التي عومل بها الشاب. ووصف عمدة مانشستر الكبرى، آندي برنهام، تصرّف الشركة بأنه «مؤسف ومخيب للآمال»، مؤكّدًا دعمه لتوم وأسرته.

وقال برنهام في منشور على منصة «إكس» تويتر سابقًا: «ما حدث لتوم مثال على المعاملة غير العادلة التي يتعرّض لها بعض ذوي التنوّع العصبي. نحن في مانشستر ملتزمون بتغيير هذه الثقافة»

وفي خطوة لاحقة، عرضت إدارة «ويتروز» إعادة توم إلى عمله في وظيفة مدفوعة الأجر، إلا أن الأسرة رفضت العرض، مفضّلةً الانتقال إلى «أسدا»، التي أظهرت استعدادًا أكبر لتوفير بيئة عمل شاملة ومتفهّمة.

كما دعا عمدة مانشستر جميع أصحاب العمل في المنطقة إلى التوقيع على «مدوّنة بي نيووروانكلوسيف (Bee Neuroinclusive)»، وهي مبادرة جديدة أطلقتها السلطة المشتركة لمانشستر الكبرى لتشجيع الشركات على احتضان الموظفين ذوي الاختلافات العصبية ودعمهم في بيئة العمل. وقد قبلت والدة توم أن تكون سفيرة للحملة الجديدة.

وفي تعليق رسمي، قالت متحدثة باسم «ويتروز» إن الشركة «تملك خبرة واسعة في تهيئة بيئات العمل لذوي الإعاقة»، مشيرة إلى أن الإدارة «تأسف لما حدث لتوم» وأنها «تُجري تحقيقًا عاجلًا في الواقعة»

أما شركة «أسدا»، فأكدت في بيان لها أنها «تدير برنامج تدريب مدعومًا بالتعاون مع مؤسسة DFN Project Search، وهي مؤسسة وطنية تُعنى بتأهيل الشباب المصابين بالتوحّد أو ذوي الإعاقات التعليمية»، مشيرة إلى أنها «رحّبت بالفعل بأكثر من 30 موظفًا من هذه الفئة في فروعها المختلفة»

وأضافت الشركة: «لقد لمسنا الأثر الإيجابي الكبير لهذه المبادرات، ليس فقط على الأفراد الذين انضموا إلينا، بل على بيئة العمل ككل. وعندما سمعنا بقصة توم ورغبته في إيجاد عمل ذي معنى، أدركنا أنه سيكون إضافة مميزة لأسرتنا»

القصة أثارت جدلًا واسعًا في بريطانيا وأعادت النقاش حول حقوق ذوي التوحّد في العمل وأهمية الدمج المهني الإنساني في المؤسسات.