بريطانيا – جسور- فاطمة الزهراء بدوي
أصدرت الكاتبة البريطانية، بيبا ستايسي Pippa Stacey، المقيمة في مدينة يورك، مؤلفها الثاني الذي يحمل عنوان Pave Your Way With Chronic Illness، أو مَهّد طريقك مع المرض المزمن، والذي يأتي كدليل تفاعلي مخصص للأشخاص الذين يعيشون مع أمراض مزمنة، بهدف دعمهم في الحفاظ على هويتهم وتحسين جودة حياتهم.
نقلاً عن صحيفة York Press، تعيش ستايسي، البالغة من العمر 30 عامًا، مع مرض الاعتلال الدماغي العضلي (ME/CFS)، وهو اضطراب عصبي يؤثر على الطاقة، ويسبب آلاماً مزمنة والتهابات متعددة في أنظمة الجسم.
جاءت إصابتها عام 2015 أثناء دراستها علم النفس التربوي بجامعة يورك، بعد أن كانت تعيش حياة نشطة مليئة بالأنشطة الرياضية.
يدمج الكتاب الجديد بين الخبرة الذاتية والمؤهلات الأكاديمية، حيث تمتلك ستايسي دبلوم دراسات عليا في علم النفس الصحي. استعانت بنماذج حديثة من علم تعزيز الصحة وتعديل السلوك لتطوير أنشطة الكتاب، لتكون مرجعًا داعمًا لمواجهة التقلبات اليومية المرتبطة بالأمراض المزمنة، دون الحاجة إلى جهد يفوق قدرة القارئ.
يتميز الدليل بكونه مقسَّمًا وفق مستويات الطاقة، بحيث يتضمن أنشطة تتناسب مع أيام انخفاض النشاط مثل اختبارات “هذا أو ذاك”، وتمارين تلوين تأملي، إضافة إلى محتوى أعمق في أيام النشاط الأعلى مثل خطط إدارة الجهد وأسئلة تأملية لتحفيز التفكير. الرسومات المصاحبة جاءت من تصميم الفنانة فيكتوريا بارون.
ترى ستايسي أن رحلتها مع المرض ساعدتها على إدراك أن الإعاقة لا تتطلب الإنكار أو التجاوز، بل الاعتراف بها كجزء من الهوية الشخصية، مضيفة: “لم أعد أحتاج إلى إثبات أنني أقوى من مرضي، ولكنني أرى الآن أن ضعفي لا ينتقص من قيمتي.. لقد حان الوقت للتصالح مع الذات، والاعتراف بأنني لست بحاجة لتقليد حياة الأصحاء كي أعيش حياة ذات معنى”.
يأتي هذا الإصدار بعد النجاح الذي حققه كتابها الأول How To Do Life With A Chronic Illness، والذي صُنف ضمن أفضل كتب Audible لعام 2024، وتصدَّر قائمة الرفاهية النفسية في بريطانيا، نال العمل استحساناً كبيراً بفضل أسلوبه الصادق، ورؤية المؤلفة المتعمقة في قضايا العيش بمرض طويل الأمد.
ستايسي لا تكتفي بالكتابة فقط، حيث تعمل أيضًا كمستشارة في مجال التواصل، وتقدم تدريبات حول المساواة في الإعاقة. كما تنشط على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تدير حساب “lifeofpippa” على إنستغرام، والذي يتابعها عليه أكثر من 17 ألف شخص، أغلبهم من ذوي الإعاقة أو المتعاطفين مع قضاياهم.
تقول في تصريحاتها للصحيفة: “كنت أعتقد أن الحياة الجيدة تعني التعافي، لكنني أدركت الآن أن القيمة الحقيقية تكمن في تقبل الواقع وصناعة المعنى من داخله.. ما تعلمته من تجربتي هو أن الشخص لا يُقاس بمقدار تعافيه، بل بقدرته على أن يكون صادقًا مع نفسه ويبحث عن توازن جديد يناسب حالته الفريدة”.
وتوضح أن غالبية الخطابات الإعلامية حول الإعاقة تقع بين نقيضين: إما قصص مأساوية تبعث على الشفقة، أو حكايات ملهمة عن أبطال “يتحدون” مرضهم.. لكن تجربتها تكشف عن منطقة وسطى أكثر واقعية، تركز على قبول الإعاقة دون خجل، والعمل على تحسين الحياة ضمن حدود الإمكان.
تمثل ستايسي صوتًا صاعدًا في الخطاب العام حول الأمراض المزمنة، وتقدم من خلال أعمالها نموذجًا حقيقيًا للتعاطي مع المرض من منظور إنساني شامل، يدمج بين الجسد والنفس، وبين الصبر والإبداع، دون أن يفقد الفرد شعوره بالانتماء أو الأمل.