Skip to content

ندى ثابت: إعاقة ابنى سبب تأسيس”قرية الأمل” وترشيحي لـ”نوبل” شرف

ندى ثابت: إعاقة ابنى سبب تأسيس”قرية الأمل” وترشيحي لـ”نوبل” شرف

لا توجد تعليقات

القاهرة – جسور-  فاطمة الزهراء بدوي

في مواجهة واقع لا يمنح الكثير من الفرص، خصوصا للأطفال ذوي الإعاقات الذهنية، اختارت الدكتورة ندى ثابت أن تبدأ تجربتها برصيد من اليقين والصبر والقدرة على تحدى الصعاب، بعدما اكتشفت اعاقة نجلها، حتى أصبحت مرشحة لجائزة نوبل للسلام.

انطلقت رحلتها من تساؤلات أم، وسرعان ما تطورت إلى مشروع مجتمعي متكامل يحمل اسم “قرية الأمل” بإمكانات بسيطة وفكرة واضحة، سعت القرية لتوفير بيئة تعليمية وإنتاجية تمكن الأطفال من التعلم والعمل والاندماج. هنا، لا يقتصر الأمر على الرعاية، ولكنه يمتد إلى التدريب على الحرف، واكتشاف المهارات، وبناء الثقة بالنفس. على مدار أكثر من عقدين، تحولت المبادرة إلى مساحة حقيقية للتأهيل والتمكين، وسط تحديات مستمرة وإيمان لا ينقطع.. في هذا الحوار، نفتح مع ندى ثابت صفحات من الرحلة: من الفكرة إلى التأسيس، ومن الحلم إلى التحدي.

  • بدايةً، نود أن نعرف ما الذي دفعكِ لتأسيس قرية الأمل؟ وهل كانت تجربة شخصية هي الشرارة الأولى؟

نعم، كانت تجربتي الشخصية هي الدافع الأساسي. عندما اكتشفت إعاقة ابني، شعرت بحالة من الضياع وعدم اليقين.. لم أجد في ذلك الوقت الأماكن أو البرامج المتكاملة التي يمكن أن تقدم له الدعم الشامل للتأهيل والدمج في المجتمع. أدركت حينها وجود فجوة كبيرة في الخدمات المقدمة لذوي الهمم. من هنا، بدأت فكرة تأسيس مكان يوفر بيئة آمنة وشاملة، تمتد لأبعد من الجانب الطبي أو التعليمي، حيث تشتمل على التأهيل المهني والدمج الاجتماعي والاقتصادي. أردت أن أقدم لأبني ولغيره من الأطفال ما افتقرنا إليه.

  • قرية الأمل تتميز ببرامجها المتكاملة التي تشمل تدريب ذوي الهمم على مهن حرفية متنوعة.. ما هي الفلسفة وراء هذا التركيز على الجانب المهني والإنتاجي؟

فلسفتنا بسيطة وعميقة في جوهرها، وهي أن كل إنسان قادر.. نؤمن بأن لكل فرد، بغض النظر عن إعاقته، قدرات كامنة يمكن استثمارها وتطويرها. التركيز على الجانب المهني والإنتاجي، لتعليمهم حرفة، ولتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم وتحقيق الاستقلالية الاقتصادية.. عندما يتقن الفرد حرفة مثل النجارة أو الخبز أو الزراعة، يكتسب مهارة ويكتسب أيضا ثقة بالنفس، وشعورًا بالإنجاز، ويصبح عضوًا منتجًا في المجتمع. هذا يغير نظرة المجتمع إليه، والأهم يغير نظرة الفرد لنفسه.. هدفنا هو إثبات أن ذوي الهمم ليسوا عبئًا، ولكنهم طاقة كامنة وقوة إنتاجية يمكن أن تساهم بفاعلية في التنمية.

ندى ثابت مع نزلاء قرية الأمل
  • كيف تقارن قرية الأمل نفسها بالمنظمات الأخرى العاملة في نفس المجال بمصر والمنطقة؟ وما هي الممارسات المبتكرة التي تعتمدونها؟

أعتقد أننا نتميز بالشمولية والتكامل في نهجنا. كثير من المنظمات تقدم خدمات قيمة، لكنها قد تركز على جانب واحد. نحن في قرية الأمل نقدم نموذجًا متكاملًا يجمع بين التأهيل التعليمي، العلاج الطبيعي والنفسي، والتأهيل المهني المباشر في ورش إنتاجية حقيقية. ممارساتنا المبتكرة تشمل دمج التعليم العملي بالنظري، وتوفير بيئة تحاكي سوق العمل قدر الإمكان. على سبيل المثال، لدينا مخبز ينتج بالفعل ويبيع منتجاته، وورش نجارة تنتج قطعًا تباع في السوق.. هذا يمنح المتدربين خبرة عملية حقيقية ويساعدهم على فهم قيمة العمل والإنتاج. كذلك، نركز على التوعية المجتمعية بشكل مكثف، ونؤمن بأن تغيير نظرة المجتمع هو أساس الدمج الحقيقي.

  • تم ترشيحكِ لجائزة نوبل للسلام، وهو إنجاز عظيم. كيف انعكس هذا الترشيح على قرية الأمل وعلى جهودكم؟

ترشيحي لجائزة نوبل شرف، وكان بمثابة دفعة معنوية هائلة لنا جميعًا في قرية الأمل.. لقد سلط الضوء على قضية ذوي الهمم على نطاق عالمي، وأكد أن ما نفعله له قيمة وأهمية تتجاوز الحدود المحلية. هذا الترشيح لم يكن لي شخصيًا بقدر ما كان اعترافًا بجهود كل طفل وشاب في القرية، وكل معلم، وكل متطوع.. لقد فتح لنا أبوابًا جديدة للشراكات والتعاون، وجعل رسالتنا تصل إلى جمهور أوسع بكثير، مما ساعد في زيادة الوعي والدعم لقضيتنا.

  • ما التأثير الأوسع الذي أحدثته قرية الأمل على النهج المجتمعي والحكومي لدعم الأطفال ذوي الإعاقات الذهنية في مصر؟

على الصعيد المجتمعي، أعتقد أننا ساهمنا بشكل كبير في تغيير التصورات السلبية عن ذوي الإعاقة.. عندما يرى الناس أطفالنا وشبابنا يعملون وينتجون ويشاركون بفعالية، تتغير نظرتهم من الشفقة إلى الاحترام والتقدير.. هذا شجع العديد من الأسر التي كانت تخفي أطفالها ذوي الإعاقة على طلب المساعدة والتأهيل، لأنهم رأوا نموذجًا حقيقيًا للنجاح.

أما على المستوى الحكومي، فقد كان لنا دور في تسليط الضوء على أهمية هذه القضية. أعتقد أن نجاح قرية الأمل كان أحد العوامل التي ساهمت في إقرار قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2018. لقد أصبحنا نموذجًا يمكن للحكومة الاستناد إليه في تطوير سياساتها وبرامجها، وتشجيع مبادرات مشابهة في مختلف المحافظات.. نحن نعمل بتكامل مع الجهات الحكومية والخاصة لتحقيق أهدافنا المشتركة.

تكريم الدكتورة ندى ثابت
  • هل يمكن أن تشاركينا قصة نجاح مؤثرة من إحدى الأسر أو الأطفال الذين استفادوا من برامج القرية؟

هناك قصص لا تحصى، كل واحدة منها تلامس القلب. أذكر قصة “أحمد”، وهو شاب كان يعاني من إعاقة ذهنية شديدة، وكان يواجه صعوبات بالغة في التواصل والاندماج. عندما جاء إلينا، كان منطويًا على نفسه، يتحدث بصعوبة.. بدأنا معه ببرامج التأهيل الأساسية، ثم وجهناه إلى ورشة النجارة. في البداية، وجد صعوبة في التعامل مع الأدوات، ولكن مع الصبر والتدريب المتواصل، بدأ يتحسن بشكل ملحوظ. اليوم، ينتج قطعًا خشبية جميلة، ويساعد في تدريب الآخرين. الأهم من ذلك، أنه أصبح يتحدث بثقة، ويشارك في الأنشطة الاجتماعية، وأصبح مصدر فخر لأسرته والمجتمع. والدته تقول لي دائمًا: “لقد أعدتم لنا أحمد، ولم نتخيل أنه سيتغير إلى هذا الحد.” هذه القصص هي وقودنا للاستمرار، وخصوصًا حديث أولياء الأمور معنا يسعدنا كثيرا.

  • ما هي أبرز التحديات التي تواجه قرية الأمل حاليًا، وكيف تعملون على مواجهتها؟

التحديات موجودة دائمًا، ولكننا نتعلم كيف نحولها إلى فرص. التحدي الأكبر هو التمويل المستدام.. لتوسيع خدماتنا وتطوير برامجنا، نحتاج إلى موارد مالية كبيرة. لمواجهة ذلك، نسعى لزيادة شراكاتنا مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، ونعمل على بناء علاقات طويلة الأمد مع الداعمين.

التحدي الثاني هو محدودية الموارد البشرية المتخصصة.. العمل مع ذوي الهمم يتطلب مهارات خاصة وصبرًا كبيرًا.. نحن نستثمر في تدريب فريق عملنا الحالي باستمرار، ونبحث عن الكفاءات الشابة والشغوفة للانضمام إلينا.

أخيرًا، التوعية المجتمعية لا تزال تحديًا.. على الرغم من التقدم الذي أحرزناه، لا يزال جزء من المجتمع يرى الإعاقة بوصمة عار أو يتردد في دمج أطفاله.. نكثف حملاتنا التوعوية، ونستخدم قصص النجاح كأدوات قوية لتغيير هذه المفاهيم الخاطئة. ونؤمن بأن كل قصة نجاح تخرج من قرية الأمل هي رسالة أمل للمجتمع بأكمله.

  • ما هي رؤيتكِ لقرية الأمل في المستقبل؟ وما هي طموحاتكِ على المدى البعيد؟

رؤيتنا لقرية الأمل هي أن نصبح نموذجًا يحتذى به في مصر، وفي المنطقة بأسرها. نطمح إلى توسيع نطاق خدماتنا لتشمل عددًا أكبر من الأطفال والشباب، وتطوير برامجنا لتواكب أحدث الممارسات العالمية في مجال تأهيل ذوي الهمم.. على المدى البعيد، نأمل في إنشاء فروع لقرية الأمل في محافظات أخرى، لنصل إلى أكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة. حلمي هو أن يأتي اليوم الذي لا يحتاج فيه ذوو الهمم إلى قرية الأمل، لأن المجتمع بأكمله قد أصبح “قرية أمل” لهم، مجتمعًا شاملًا، داعمًا، وممكنًا للجميع.

  • كلمة أخيرة تودين توجيهها لكل من يدعمكم، ولأسر ذوي الهمم، وللمجتمع ككل؟

إلى كل من يدعمنا، أقول شكرًا من القلب. أنتم شركاء حقيقيون في هذا الإنجاز، وبدعمكم نستطيع أن نصنع الفارق. إلى أسر ذوي الهمم، أقول لكم: لا تيأسوا أبدًا. أولادكم هم نعمة وقوة كامنة، وثقوا بقدراتهم وابحثوا دائمًا عن الدعم والمساعدة. وإلى المجتمع ككل، أقول: انظروا إلى ذوي الهمم بعيون الأمل، فهم ليسوا بحاجة إلى الشفقة، ولكن إلى الفرصة الحقيقية.. فرصتهم في التعلم، والعمل، والعيش بكرامة. دعونا نعمل معًا لبناء مجتمع أكثر شمولًا وعدالة، مجتمع يحتضن الجميع ويحتفي بالتنوع والاختلاف.

المقالة السابقة
قطر تختار غانم المفتاح شخصية عام 2025.. مسيرة ملهمة في ترسيخ قيم التحدي
المقالة التالية
البحرين ترفع بدل الإعاقة الشهري وسلطنة عمان تناقش تجربتها بنيويورك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed