Skip to content

نيجيريا تنكر حقوق أبنائها من ذوي الإعاقة في الحب والعمل والحياة

نيجيريا- جسور – فاطمة الزهراء بدوي

يواجه أكثر من 35 مليون نيجيري، من ذوي الإعاقة، تحديات يومية صامتة، بين شوارع المدن وضواحي القرى. نظرات المجتمع تحمل شكًا، والفرص لا تُمنح بسهولة، والعلاقات العاطفية تصطدم بأبواب مغلقة.

في هذا التقرير، ترصد The Punch شهادات لنساء تحدين الصور النمطية، وواجهن التنميط المهني والعاطفي بإرادة صلبة.

روزالين دانيال (28 عامًا).. حين انتصرت الكفاءة على لون البشرة

نشأت روزالين في ولاية كوجي، وكانت الطفلة الوحيدة في مدرستها التي تحمل ملامح الألبينية. التنمر لم يبدأ من زملاء الدراسة فقط، إنما من نظرات الكبار. أدركت أنها “مختلفة” منذ سن 12، لكن والدها آمن بإمكانياتها، وأصر على تعليمها رغم معارضة البعض.

بعد تعذر التحاقها بكلية الطب بسبب ظروف أسرية، درست التمريض وبدأت العمل في مستشفى محلي.
عند التحاقها، تفاجأت بتصريح صادم من طبيب مسؤول قال: “لن تتحمل التعامل مع المرضى”. توجهت فورًا إلى الإدارة التي دعمتها، وبعد أسابيع، أثبتت كفاءتها في تركيب المحاليل وإعطاء الحقن.
هي الآن في طريقها لافتتاح صيدليتها الخاصة، وتستعد للزواج من شاب يعاني من الألبينية أيضًا، جمعتهما الدراسة والتحديات المشتركة.

مارثا أغا-أثناسيوس (40 عامًا).. صوت غائب ومجتمع صامت

ولدت في ولاية بنيو، وفقدت سمعها تمامًا في السابعة. الأسرة حاولت حمايتها، لكن المجتمع صم أذنيه عن احتياجاتها.. رغبتها في دراسة التمريض اصطدمت برفض المدارس الحكومية، فالتحقت بمعهد تقني، وواصلت تعليمها حتى أتقنت اللغة الإنجليزية. واجهت صعوبات في العلاقات، إذ انسحب أكثر من شخص حين اكتشف إعاقتها السمعية.
تقول بابتسامة ساخرة: “عندما أُعجب بي أحدهم، ثم يكتشف أنني صماء، يختفي بابتسامة خجولة”. تعيش وسط دعم كبير من أشقائها السبعة، الذين حمَوا طفولتها ومراهقتها من تهكم الجيران.

أونييتشي إيثلبيرت (29 عامًا).. جسد سجين وطرق مغلقة

طالبة جامعية من دلتا، بدأت معاناتها في سن 22 بألم في الظهر، تبين لاحقًا أنه ورم بالحبل الشوكي.
تأخرت الجراحة بعد توجه الأسرة إلى جلسات علاجية داخل الكنائس، مما تسبب في إصابتها بالشلل الدائم.
انسحبت من الجامعة في عامها الثالث، وتعيش منذ ذلك الحين في المنزل، غير قادرة على الحركة في طرق غير مهيأة.. تكاليف التنقل عبر التطبيقات الإلكترونية تفوق إمكانياتها. تقول: “أرغب في العودة للدراسة، وفتح مشروع صغير، لكن الوضع الاقتصادي يحاصرني”. وتحلم بسيارات مخصصة لأصحاب الكراسي المتحركة، تتيح لها التنقل بحرية.

بيس آميه (30 عامًا).. بين ضعف البصر وسرقة الثقة

في ولاية إنوغو، بدأت بيس فقدان بصرها تدريجيًا في الثامنة، أُصيبت بعينها إثر مشاجرة طفولية، وتفاقم الأمر حتى أصبحت الرؤية محدودة.. أثناء دراستها الجامعية، كانت نائبة رئيس اتحاد الطلبة من ذوي الإعاقة.

وأثناء ذهابها إلى البنك، سرق سائق دراجة نارية بطاقتها وسحب منها 180 ألف نايرا. تقول: “ضعف البصر جعلني فريسة سهلة، ولم أستطع ملاحقته”. بعد تخرجها، تزوجت ضابطًا في الدفاع المدني، رغم اعتراض والدته وأقاربه. سألوا ابنهم: “كيف تختار زوجة لا ترى؟” تمسك بها ودافع عنها في وجه الأسرة، وهي الآن تنتظر فرصة عمل تليق بتخصصها وشهادتها.

قانون موجود.. وتنفيذ غائب

في عام 2018، صدر قانون “حظر التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة” في نيجيريا. ينص على تخصيص 5٪ من الوظائف العامة للأشخاص ذوي الإعاقة، مع ضمان الوصول إلى المرافق والخدمات. وفي 2023، وقّع الرئيس بولا تينوبو على بروتوكول الاتحاد الإفريقي لحماية حقوقهم.

رغم ذلك، تستمر معاناتهم في المؤسسات، والأسواق، وأماكن العمل. المحامية كاثرين إيده، مؤسسة Voice of Disability Initiative، تدير منذ 2014 منظمة تهدف إلى تمكين النساء والفتيات ذوات الإعاقة. تؤمن أن التغيير يبدأ من الوعي، وتقول: “الاندماج ليس سياسة.. إنه قناعة” ونجحت في التعاون مع مؤسسات حكومية لتنفيذ برامج تدريب وتشغيل، رغم ضعف التمويل.

أيوبا بوركي، الأمين التنفيذي للجنة الوطنية لشؤون ذوي الإعاقة، يرى أن النسبة المخصصة للتوظيف حد أدنى وليس اقتراحًا. يؤكد أن اللجنة بدأت محاسبة جهات خالفت القانون، ويقول: “الأداء لا يُقاس بالحالة الجسدية، ولكن بالمهارة”.

تتكرر الصور النمطية بأن الشخص من ذوي الإعاقة لا يصلح للحب أو القيادة أو الإنجاز؛ لكن القصص الحقيقية تثبت العكس. من يرون أنفسهم أصحاب قيمة، يستحقون علاقة عاطفية عادلة، ووظيفة منتجة، ومكانًا محترمًا في المجتمع. ما يحتاجونه ليس شفقة، ولكن فرصة حقيقية.