Skip to content

هاريت ماكبريد.. صوت ذوي الإعاقة ومرض وراثي يسلب قوتها الجسدية

هاريت ماكبريد.. صوت ذوي الإعاقة ومرض وراثي يسلب قوتها الجسدية

المحرر:

الولايات المتحدة – جسور- فاطمة الزهراء بدوي

وُلدت هاريت ماكبريد جونسون Harriet McBryde Johnson في 8 يوليو 1957 في ولاية نورث كارولاينا، وسط أسرة أكاديمية أفرادها يعملون بالتدريس الجامعي، ورثت عن أختها مرضًا عصبيًا عضليًا تقدميًا، أخذ منها القوة الجسدية، لكنه لم ينتزع منها الإرادة، بكرسيها المتحرك، وقلمها، وصوتها الحاد، اخترقت جدران التمييز لتصبح واحدة من أشهر مناصري حقوق ذوي الإعاقة في أمريكا.

منذ المراهقة، أظهرت شخصية قوية وحسًا مبكرًا بالعدالة، عندما قادت احتجاجًا ضد معلمة مسيئة في مدرستها الخاصة، لم ترَ الإعاقة سببًا للعزلة أو الشفقة؛ إذ اعتبرتها معركة يجب خوضها بكرامة، وعندما أصبحت محامية، ركزت عملها على الدفاع عن الفقراء وذوي الإعاقات، وتخصصت في قضايا الحقوق المدنية والضمان الاجتماعي، رافعةً صوت من لا يُسمع.

تجسدت جرأتها الفكرية في مواجهتها العلنية للفيلسوف بيتر سينغر، الذي اعتبر في نظرياته أن من المقبول إنهاء حياة الأطفال ذوي الإعاقات الشديدة.. هاريت لم تهاجمه بعنف، لكنها واجهته بإنسانيتها، في مقالها الشهير “Unspeakable Conversations” بصحيفة نيويورك تايمز، وصفت تفاصيل لقائها معه، وعرضت رؤيتها حول معنى أن تكون إنسانًا يعيش بإعاقة: “نحن نأخذ قيودًا لا يختارها أحد، ونبني داخلها حياة غنية وممتعة”، كانت ترى أن الإعاقة لا تلغي جودة الحياة، ولكن تُعيد تعريفها.

لم تكتفِ بالكتابة الصحفية، حيث أصدرت كتابين مؤثرين، الأول Too Late to Die Young، وهو مذكراتها التي تسرد فيها حياتها مع المرض والنشاط والدعابة، والثاني رواية موجهة للمراهقين بعنوان Accidents of Nature، تحكي قصة فتاة مصابة بالشلل الدماغي تكتشف مجددًا ذاتها وسط رفاق يشبهونها.. بأسلوبها الساحر، نقلت تجاربها من الهامش إلى الصفحات الأولى، ومن الصمت إلى الفعل.

ظلت هاريت تؤمن بأن البقاء على قيد الحياة، رغم الألم، هبة تستحق التقدير، وكتبت ذات مرة: “الموت طبيعي وضروري، لكنه ليس عادلًا.. النجاة أيضًا حادثة عشوائية، كل خسارة تذكير بأن البقاء هدية”.

رحلت عن عالمنا عام 2008 عن عمر خمسين عامًا فقط، لكن تأثيرها لم يرحل، ولا تزال كلماتها تُدرس، ومواقفها تُستشهد بها، وسيرتها تُروى كدرس في التحدي والإبداع، لم تسعَ لتكون بطلة؛ فقط أرادت أن تُعامل كإنسانة، فحققت أكثر من ذلك وأصبحت رمزًا.

المقالة السابقة
قطر تعد مشروع قانون جديد ينظم حقوق جميع ذوي الإعاقات