أوقفت وكالة السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة خيار العمل عن بُعد، كإجراء لتسهيل عمل الموظفين ذوي الإعاقة، أو من يعانون من مشكلات صحية مؤقتة.
جاء القرار الذي أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط الصحية والحقوقية، بعد هجوم مسلح استهدف مقر الوكالة في مدينة أتلانتا في أغسطس الماضي، مما أثار حالة من الفزع والاضطراب بين العاملين.
إدارة الصحة والخدمات الإنسانية (HHS)، وهي الجهة الأم للـ CDC، أبلغت العاملين في إشعاررسمي، يوم 18 سبتمبر الجاري، بأن خيار العمل عن بُعد كجزء من التسهيلات المعقولة للموظفين ذوي الإعاقة لم يعد معتمداً ضمن السياسة الجديدة.
الإشعار أشار إلى أن هذا التعديل بدأ تطبيقه فعلياً منذ 13 أغسطس، أي بعد خمسة أيام فقط من حادثة إطلاق النار، كما نص الإشعار على تجميد كافة الموافقات السابقة على العمل عن بُعد، سواء كانت طويلة الأجل أو مرتبطة بأوضاع صحية مؤقتة، إلى حين صدور توجيهات إضافية من الوزارة.
وتم التأكيد في وثيقة الأسئلة الشائعة المصاحبة، أن مكتب الموارد البشرية في CDC بانتظار توضيحات إضافية من الوزارة، مما أدى إلى تفاوت في التوجيهات بين الإدارات الداخلية، وفقاً لشهادات موظفين.
يعاني العديد من موظفي الوكالة من مشاعر انعدام الأمان بعد الحادثة، خاصة في ظل وجود آثار مرئية مثل ثقوب الرصاص، المغطاة بشريط لاصق على نوافذ المقر.
وقال أحد العلماء في CDC لموقع “أكسيوس” إنهم تلقوا تنبيهات عبر البريد الإلكتروني تشرح ما يمكن توقعه عند العودة إلى المقر، منها تعليمات بعدم الاتكاء على النوافذ. وأضاف: “تخيّل أن يُطلب منك العودة إلى موقع كنت تختبئ فيه من إطلاق نار”.
ردود فعل وانتقادات قانونية
القرار أثار انتقادات واسعة، واعتبره ممثلو النقابات العمالية في الوكالة أكبر انتهاك جماعي للحقوق المدنية للموظفين الفيدراليين منذ عقود، وأكدوا أن القرار يخالف قانون إعادة التأهيل لعام 1973، الذي يوجب على جهات العمل الحكومية توفير تسهيلات معقولة لذوي الإعاقة، ما لم تكن تمثل عبئاً غير مبرر.
ويقول خبراء إن العمل عن بُعد أثبت خلال جائحة كوفيد-19 أنه خيار عملي وفعال، بل وأدى إلى ارتفاع تاريخي في معدلات توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، لكن هذه المكاسب مهددة بالتراجع مع تصاعد سياسات العودة الإلزامية إلى المكاتب.
من جانبها، لم توضح وزارة الصحة بعد ما إذا كانت السياسة الجديدة مؤقتة أم دائمة، كما لم ترد على استفسارات “أكسيوس” بشأن الأسس القانونية لهذا التغيير.
يأتي هذا القرار في سياق توترات سياسية متزايدة داخل الوكالة، حيث أقال وزير الصحة، روبرت ف. كينيدي الابن، المديرة السابقة لـ CDC سوزان موناريز، في أعقاب الهجوم، واستقال عدد من كبار العلماء متهمين الإدارة بالتقليل من شأن خبراتهم.
وتشير تقارير إلى أن الخطاب المناهض للقاحات الذي يروّج له كينيدي قد ساهم في تأجيج الأجواء العدائية ضد الوكالة.