الولايات المتحدة – جسور – فاطمة الزهراء بدوي
قررت جامعة ولاية أوريغون (OSU) في الولايات المتحدة، إعادة النظر، في طريقة تعاملها مع الوصول الرقمي، للمحتوى عبر جميع منصاتها، في محاولة لإشراك المجتمع الجامعي بأكمله، في عملية تحسين الشمولية الرقمية، التوجه الجديد يرتكز على إقناع الأفراد بأنهم شركاء في المسؤولية، مهما اختلفت أدوارهم الأكاديمية أو التقنية.
يؤكد المسؤولون في الجامعة أن إنتاج المحتوى الرقمي مسؤولية جماعية، تبدأ من أعضاء هيئة التدريس وتمتد إلى الإداريين وفرق الدعم الفني. وفقًا لساغان والاس، مدير الوصول الرقمي بمكتبات الجامعة، فإن الوصول الرقمي لا يُختزل في قواعد ثابتة، حبث يتطلب حسًّا فنيًا ودقة في التقدير.
ويوضح: “من أصعب التحديات التي أواجهها حاليًا هي إقناع الناس بأن الوصول الرقمي يتطلب مرونة وفهمًا أكثر منه تطبيقًا حرفيًا لقائمة من التعليمات. الكل يبحث عن الطريقة المثالية، لكن الحقيقة أن الكمال غير موجود”.
هذا الفهم المعقّد للوصول الرقمي يجعل أدوات الذكاء الاصطناعي المُدمجة داخل أنظمة النشر، مثل تنبيهات الوصول في منصة Drupal، مجرد أدوات داعمة. بحسب جينيفر ميريل من فريق OSU الرقمي، فإن تلك الأدوات تساعد في رصد المشاكل المحتملة لكنها لا تستطيع اتخاذ قرارات نهائية حول صلاحية المحتوى. لا يمكن لأي نظام تلقائي أن يحدد وحده إن كان هناك خلل فعلي في النفاذ الرقمي؛ لأن التقدير الإنساني لا يمكن الاستغناء عنه.
في ظل عدم وجود مكتب موحد في الجامعة، يتولى جميع جوانب النفاذ الرقمي، تم إنشاء قناة تواصل داخلية على منصة Microsoft Teams، تُعرف باسم “OSU Digital Accessibility Teams”، لتكون نقطة لقاء لجميع العاملين المهتمين بالموضوع، توفر القناة مساحة لتبادل الأسئلة والإجابات، وتُتيح التنسيق بين مختلف الوحدات التي تتقاطع مهامها في هذا المجال.
يوضح والاس أن الجهة المسؤولة عن تقديم المساعدة تختلف حسب طبيعة المحتوى الرقمي الذي يتم إنشاؤه. “إذا كنت تعمل على موقع إلكتروني، ففريق تجربة المستخدم في قسم تقنية المعلومات هو المرجع. أما إذا كنت تستخدم منصة Kaltura للفيديوهات التعليمية، فالأفضل التواصل مع قسم التقنيات الأكاديمية. نحن كفِرق نتعاون ونتبادل المعرفة لدعم الجميع”.
يسعى المسؤولون في OSU إلى تغيير الثقافة المؤسسية فيما يخص الوصول الرقمي. لم تعد المسألة مقتصرة على الامتثال القانوني أو الشكلي، بل أصبحت جزءًا من فلسفة التصميم الشامل. هم يشجعون منتجي المحتوى على التفكير في المستخدم النهائي، سواء كان طالبًا يعاني من ضعف البصر أو موظفًا يستخدم قارئ الشاشة.
واحدة من الرسائل الأساسية التي تحرص الجامعة على ترسيخها هي أن الجودة في الوصول الرقمي تبدأ من خطوات بسيطة: اختيار الألوان بعناية، كتابة أوصاف واضحة للصور، توفير نسخ نصية للفيديوهات، واستخدام عناوين منظمة في المقالات.
يتزايد الاهتمام بهذا الملف في الجامعات الأميركية، في ظل تصاعد النقاشات حول العدالة الرقمية، والحقوق المتساوية للطلبة ذوي الإعاقة. ولأن المحتوى الرقمي أصبح جزءًا أساسيًا من التجربة التعليمية، لم يعد من المقبول تجاهل احتياجات شرائح واسعة من المجتمع الجامعي.
تسير جامعة ولاية أوريغون نحو نموذج تشاركي، حيث يُتوقع من كل من يساهم في إنتاج المحتوى أن يتعلّم أساسيات الوصول الرقمي. الهدف الأساسي هو بناء بيئة تعليمية رقمية يشعر فيها الجميع بالترحيب والتمكين.