عُرفت قصة الشابة النيجيرية”جلوريا نويكي” كنموذج نادر للشجاعة والإصرار في بلد لا يزال يسير ببطء في ملف دمج ذوي الإعاقة. وُلدت بذراع واحدة ورفضتها جهات التوظيف مرات عدة، لكن ذلك لم يمنعها من شق طريقها بثبات نحو العمل والتمكين الذاتي والاجتماعي حتى أصبحت اليوم صوتًا داعمًا لحقوق ذوي الإعاقة في نيجيريا.
بداية مختلفة ونظرة واقعية
تقول جلوريا البالغة من العمر 26 عامًا والمنحدرة من منطقة مجبكو في ولاية أنامبرا”لم أفقد ذراعي في حادث بل وُلدت بها هكذا. لم أشعر بالاختلاف في طفولتي بل كنت اجتماعية ولدي أصدقاء كُثر، لكن مع النضج بدأت أعي تحديات واقعي”.
تخرجت جلوريا من المعهد الفيدرالي “أوكو” عام 2024، بعدما درست علوم المكتبات والمعلومات. وتقول إن التعليم كان أحد أهم إنجازاتها “التعليم هو المفتاح الذي فتح لي أبواب الفهم والقدرة وقد دعمتني أسرتي فى رحلة إتمام التعليم وطالما كانوا مصدر إلهام”.
طريق محفوف بالرفض والتحدي
بعد التخرج واجهت جلوريا صعوبة في الحصول على عمل. تقول “تعرضت للرفض كثيرا بسبب إعاقتي فوجدت نفسي مضطرة لقبول فرصة لم أفكر فيها من قبل، وهى العمل في دار جنازات” لكن ما بدأ كخيار اضطراري تحول إلى نقطة انطلاق. عملت مندوبة مبيعات في دار الجنازات ثم تدربت على قيادة سيارة الإسعاف لتصبح أول من يقودها في محيطها من ذوي الإعاقة. “كان حدثًا صادمًا وإيجابيًا لعائلتي ومجتمعي. أثبت لهم ولنفسي أنني قادرة على أكثر مما يظنون” تقول جلوريا.
العمل مع الموتى دروس في الحياة!
تعلمت جلوريا الكثير بالعمل فى دار الجنازات عن قيمة الحياة. تقول”أصبحت أكثر وعيًا بهشاشة الحياة وتعلمت أن أقدّر اللحظة والناس من حولي. رؤية الحزن علمني الصبر والتعاطف الحقيقي”.. تضيف”نعم هناك أوقات أشعر فيها بالإرهاق النفسي لكني أوازن بين عملي وحياتي الخاصة من خلال التواصل مع أحبائي وأخذ فترات للراحة”
التوعية بالإعاقة، من الفضاء الرقمي إلى الواقع
أنشأت جلوريا صفحة على فيسبوك بعنوان “التوعية بالإعاقة” حيث تشارك تجاربها وتدافع عن دمج ذوي الإعاقة في المجتمع. تقول”أريد أن أكون مصدر أمل. أنا لا أبحث عن الشفقة بل عن الفهم والاحترام”. ورغم أنها واجهت مواقف جارحة مثل من طلب منها ارتداء ملابس تخفي ذراعها، فإنها تؤمن بأن الاستجابة لا تكون بالغضب بل بتثقيف الناس.”المجتمع لا يزال يضع النساء المبتورات في خانة غير المستحَقة للجمال أو الحب، لكننا قادرات على تكوين أسر وحياة كاملة”.
نيجيريا والواقع القاسي لذوي الإعاقة
تصف جلوريا الواقع في نيجيريا بأنه صعب. حيث البنية التحتية غير مهيأة والموارد المتاحة محدودة. لكنها ترى الأمل في الأصوات التي ترتفع شيئًا فشيئًا.
تقول”نحتاج إلى مبانٍ مهيأة ووسائل نقل مناسبة وفرص تعليم وتوظيف تضعنا في الاعتبار. الإعاقة لا تعني العجز بل نظرة المجتمع هي التي تعجزنا أحيانًا”
رسالة إلى أصحاب العمل
توجه جلوريا رسالة واضحة لأصحاب الأعمال”لا تحكموا علينا من إعاقتنا بل من قدراتنا. نحن قادرون بل ونقدم للعمل إصرارًا وتميزًا ناتجين عن مواجهتنا اليومية للتحديات”.
نهاية مليئة بالأمل
تختم جلوريا حديثها بالقول”أكثر ما يفخر به قلبي هو أنني لم أستسلم. كسرت الصور النمطية وخلقت من تجربة شخصية مصدر إلهام لآخرين. الإعاقة ليست النهاية إذ ربما تكون بداية لرحلة غير متوقعة، ولكنها مليئة بالقوة والمعنى”.