بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بالتلعثم، إليك قصص نجاح أيقونات عالمية عانت من الاضطراب مثل نيكول كيدمان ومارلين مونرو وآلان تيورينج، في تأكيد على أن الإعاقة الحقيقية هي إعاقة الإرادة.
في الثاني والعشرين من أكتوبر من كل عام، يتجه انتباه العالم نحو قضية غالبا ما تحاط بالصمت وسوء الفهم، وهو التلعثم، فهذا اليوم المعروف باليوم العالمي للتوعية بالتلعثم، هو تتويج لحركة عالمية بدأت رسميا في عام 1998 بهدف رفع مستوى الوعي العام، وتوحيد الجهود لتثقيف المجتمع، والأهم من ذلك، الوصول الى ملايين الأفراد الذين يشعرون بالعزلة بسبب اضطراب الكلام هذا.
تمثل هذه الحركة قيمها من خلال رموز وشعارات قوية، حيث تم اعتماد الشريط ذي اللون الأخضر المزرق كرمز رسمي، وهو لون يجسد العلاقة بين «السلام» و«الحرية».. حرية التحدث والاستماع دون حكم أو مقاطعة.
وهذا التحول في الخطاب والتركيز يكشف عن تطور أعمق، فالحركة لم تعد تقتصر على كونها مصدر قلق طبي يركز على «علاج» الاضطراب، بل تحولت الى حركة حقوقية تطالب بالاعتراف بالتلعثم كشكل من أشكال التنوع البشري.
التلعثم كإعاقة اجتماعية
لفهم التلعثم كإعاقة يجب تجاوز التعريف الطبي البسيط حيث يعرف التلعثم أو التأتأة بأنه اضطراب في التحدث يعطل التدفق الطبيعي للكلام من خلال التكرار اللاإرادي للأصوات أو التوقفات المفاجئة، وتشير الأدلة العلمية الى جذور عصبية وجينية عميقة لهذا الاضطراب، لكن الإعاقة الحقيقية لا تكمن فقط في انقطاع الكلام، بل في التجربة المعاشة التي تخلق حاجزا غير مرئي.
كشفت دراسات رائدة أن «تصور وجود مستمع» هو المحفز الرئيسي، حيث يؤدي هذا الترقب الاجتماعي إلى سلسلة من العواقب النفسية المدمرة مثل القلق الشديد، والخوف من التحدث، وتدني احترام الذات، والانسحاب الاجتماعي، هنا يكمن جوهر الإعاقة إنها ليست لحظة التلعثم نفسها، بل هي حالة الترقب المستمرة والمرهقة لها.
هذا العبء المعرفي الهائل هو المصدر الحقيقي للإعاقة، لأنه يؤدي الى قيود مفروضة ذاتيا على المشاركة الكاملة في المجتمع، وهذا يتوافق تماما مع تعريف الإعاقة في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تعرف الإعاقة بأنها نتاج التفاعل بين الأفراد والحواجز المحيطة.

أيقونات هوليوود ونجوم العالم
على مر التاريخ برزت شخصيات عالمية لم تمنعها عثرات اللسان من تحقيق أعلى درجات المجد في الفن والرياضة، وقصصهم دليل حي على أن الطلاقة اللفظية لا علاقة لها بطلاقة الفكر أو قوة الإرادة.

على المستوى العربي عرف المخرج الشهير يوسف شاهين بمعاناته في التحدث، غير أن هذه التأتأة أو التلعثم لم يمنعه من أن يكون واحدا من أشهر المخرجين في مصر والعالم العربي، بل وحصل على السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي الدولي، وله من الحوارات التلفزيونية الكثير والكثير، فضلا عن قيامه بتمثيل دور رئيسي بفيلم باب الحديد وأدوار أقل مساحة في أعمال من إخراجه، مما يعني أنه تحدى هذه الإعاقة .
طالع: مسابقة للابتكارات الملهمة لدمج ذوي الإعاقة في فيتنام
والممثلة الأسترالية نيكول كيدمان هي واحدة من أشهر نجوم هوليوود، وقد أكدت في مقابلات أنها كانت تعاني من التلعثم في طفولتها، لكن بفضل دعم عائلتها، تغلبت على هذا التحدي وأصبحت نجمة عالمية ناجحة.
كذلك النجم الشهير صامويل جاكسون أكد أنه كان يعاني من التلعثم في فترة شبابه، حيث طور تقنيته الرئيسية بتعلم «التظاهر بأنه شخص آخر لا يتلعثم».
والممثل الشهير بروس ويليس نجم أفلام الحركة، كان يعاني من التلعثم في صباه، لكنه اكتشف على خشبة المسرح أنه عندما «يصبح شخصية أخرى، يفقد التلعثم»، مما جعل الأداء ملاذا آمنا له.
وكذلك جوليا روبيرتس، النجمة الحائزة على الأوسكار، كانت تعاني من التلعثم في صغرها، وتمكنت بدعم الأهل من تجاوز هذا التحدي.
حتى الأيقونة السينمائية مارلين مونرو كانت تعاني من التلعثم في بعض الأحيان، لكنها استطاعت تحقيق الشهرة والنجاح الذي لا يضاهى في عالم التمثيل
حتى الأيقونة السينمائية مارلين مونرو كانت تعاني من التلعثم في بعض الأحيان، لكنها استطاعت تحقيق الشهرة والنجاح الذي لا يضاهى في عالم التمثيل، حيث طورت صوتها كتقنية واعية للتحكم في تلعثمها.
الفكاهي الشهير ستيف هارفي ومقدم البرامج التلفزيونية، كان يعاني من التلعثم في فترة شبابه، لكنه اختار العمل بجد والتدرب ليصبح واحدا من أبرز الشخصيات التلفزيونية في العالم، وأسطورة الروك آند رول إلفيس بريسلي كان يواجه تحديا مع التلعثم في صغره، لكنه حقق الشهرة العالمية بفضل موهبته الاستثنائية، والشخصية الكوميدية الشهيرة مستر بين، التي أداها الممثل روان أتكينسون، كانت تعاني أيضا من التلعثم في بعض الكلمات، لكن بفضل موهبته وروحه الفكاهية، أصبح شخصية لا تنسى في عالم الكوميديا.
النجم الكولومبي لكرة القدم خاميس رودريجز، الذي اشتهر بمهاراته الاستثنائية على الملعب، يعتبر قدوة للشبان الذين يعانون من التلعثم، حيث نجح في تحقيق أحلامه وتجاوز هذا التحدي.

أما الملك جورج الرابع، ملك بريطانيا العظمى، فكان يعاني من التلعثم، ولكنه تمكن من قيادة بلاده بحكمة، وكذلك العالم الرياضي الشهير آلان تيورينج، الذي كان يعاني من التلعثم في طفولته، واستطاع تحقيقه طلاقة فكره ثورة في العالم، مما يثبت أن الكلام لا علاقة له بالذكاء، وكذلك إسحاق نيوتن، لم تمنعه تلك المشكلة من تحقيق إنجازات عظيمة، وتظهر قصته كمصدر إلهام يظهر أن التحديات الشخصية لا تمنع النجاح.
بناء جسور التواصل كدليل للدعم والمساندة
تغيير التصورات المجتمعية حول التلعثم يبدأ من كل فرد، فبينما تتوفر مسارات علاجية حديثة للمساعدة في إدارة التلعثم، يظل الدعم المجتمعي هو العامل الأكثر تأثيرا.
أن تكون حليفا فعالا يتطلب جهدا واعيا لتحدي الأعراف الاجتماعية التي تعطي الأولوية للسرعة والكفاءة في المحادثة، وللتواصل باحترام، يجب على المستمع ان يكون صبورا ويستمع باهتمام، ويحافظ على تواصل بصري طبيعي، والأهم من ذلك، السماح للشخص بإنهاء جمله بنفسه، والتركيز على محتوى ما يقوله، وليس على كيفية قوله.
يجب على الحليف ان يتجنب إكمال جمل المتحدث أو قول عبارات مثل «تمهل» أو «خذ نفسا عميقا»، لأن هذه النصائح غالبا ما تأتي بنتائج عكسية وتزيد من الشعور بالضغط، وهذا السلوك هو فعل واع يخلق «مساحة آمنة» تزيل الضغط عن التفاعل، وهي البيئة ذاتها التي أظهرت الأبحاث أنها يمكن أن تقلل من حدة التلعثم.