في مشهد إنساني مؤلم يختصر معاناة الأسر التي تواجه الأمراض النادرة، كشفت أم بريطانية تُدعى «تارا كوبر» عن تفاصيل مأساة نجلها «آدم» البالغ من العمر ثمانية عشر عامًا، والذي يعاني من حالة وراثية نادرة تُعرف باسم «مرض كوهين»، تجعل حياته مهددة في أي لحظة بسبب ضعف جهازه المناعي وتدهور حالته الصحية بشكل متسارع.
وحسب موقع «Wales Online» البريطاني، فإن الأم التي تقيم في مقاطعة «ويلز» تحدثت بحرقة عن رحلة طويلة من الألم بدأت منذ ولادة ابنها، عندما لاحظ الأطباء تأخر نموه الحركي والذهني وصعوبة في الكلام والمشي، قبل أن يتأكد التشخيص النهائي بأن آدم مصاب بمرض كوهين، وهو اضطراب جيني نادر يصيب أقل من ألف شخص حول العالم، ويؤثر على الدماغ والعضلات والمناعة والنظر، مما يجعل المصابين به عرضة لمضاعفات قاتلة.
وتقول الأم إن الأطباء أبلغوها منذ طفولة ابنها أن حياته ستكون قصيرة، لكن الأسرة رفضت الاستسلام، وظلت تسعى لتوفير أفضل رعاية ممكنة له. ومع بلوغه الثامنة عشرة، باتت حالته أكثر تعقيدًا، إذ لم يعد قادراً على الكلام أو المشي أو الأكل بشكل طبيعي، كما أصبح يعتمد كليًا على أجهزة التنفس والعناية المركزة المنزلية، بينما تلازمه والدته على مدار الساعة خشية توقف قلبه في أي لحظة.
وتروي «تارا» أن أكثر ما يؤلمها ليس فقط تدهور صحة ابنها، بل شعورها بالعجز أمام ندرة المعلومات عن المرض وقلة مراكز الدعم في بريطانيا، حيث تضطر العائلات إلى مواجهة هذه الحالات بمفردها تقريبًا، في ظل ضعف الدعم الحكومي للبحوث المتخصصة في الأمراض الجينية النادرة.
وأضافت بأن حياة ابنها «سلسلة من التحديات اليومية»، بدءًا من الرعاية الطبية المعقدة، وصولاً إلى صعوبة تأمين الأجهزة والمستلزمات التي تضمن له البقاء على قيد الحياة.
ورغم المأساة، تؤكد الأم أن آدم يمثل مصدر إلهام للأسرة، إذ تصفه بأنه «أقوى من الجميع»، مشيرة إلى أنه ما زال يحتفظ بابتسامته رغم الألم. وتقول: «كل يوم يعيشه هو معجزة حقيقية، وأنا ممتنة لكل لحظة أراه فيها على قيد الحياة». وتتابع حديثها وهي تغالب دموعها: «الناس لا يعرفون ماذا يعني أن تعيش وأنت لا تعلم إن كان طفلك سيستيقظ في اليوم التالي».
وأشار تقرير «Wales Online» إلى أن قصة آدم ليست حالة فردية، بل تعكس واقعًا أوسع لعشرات الأسر البريطانية التي تواجه أمراضًا جينية نادرة، وغالبًا ما تجد نفسها في مواجهة التكاليف الباهظة للرعاية الصحية المستمرة، في حين تطالب المنظمات الإنسانية في ويلز بزيادة الدعم المالي للأبحاث الطبية وتأسيس مراكز متخصصة لمتابعة مثل هذه الحالات، مؤكدين أن تجاهل الأمراض النادرة يفاقم المعاناة ويترك الأسر في عزلة قاسية.
وفي ختام حديثها، وجّهت الأم رسالة مؤثرة إلى المجتمع البريطاني قائلة: «أريد فقط أن يعرف الناس أن هناك أطفالًا مثل آدم يحتاجون إلى الأمل، لا الشفقة. إنهم يستحقون أن يعيشوا حياة كريمة وأن يحصلوا على الرعاية التي تضمن لهم الأمان».
وتسعى الأسرة حاليًا إلى جمع تبرعات لتأمين أجهزة إضافية تساعد على تحسين جودة حياة آدم في منزله، بعد أن أكد الأطباء أن حالته وصلت إلى مرحلة حرجة وأنه «قد يفارق الحياة في أي وقت». وبينما تتشبث الأم بالأمل، يواصل نجلها معركته الصامتة مع المرض، لتبقى قصته شاهدًا على قوة الأمومة في مواجهة أقسى ابتلاءات الحياة.