افتتحت بلدية بيت لحم ومؤسسة قادر للتنمية المجتمعية، بدعم من هيئة المعونة الفنلندية «FCA»، اليوم الأربعاء، جدارية «نبني المستقبل» تجسيدًا لقيم التعليم الشمولي والدمج المجتمعي، وذلك في احتفالية أُقيمت في مركز السلام بمدينة بيت لحم.

وحسب بيان لبلدية بيت لحم، تأتي هذه الفعالية ضمن مشروع «تعزيز شمول الطلبة في مدارس البطريركية اللاتينية في الضفة الغربية»، والذي يهدف إلى تهيئة بيئة تعليمية شمولية تراعي التنوع وتكافؤ الفرص لجميع الطلبة، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة، من خلال تمكينهم أكاديميًا ومهنيًا، بما يضمن مساهمتهم الفاعلة في المجتمع.

الجدارية، التي تم تنفيذها على أحد جدران شارع بيت ساحور، تعبّر عن رؤية مجتمعية تؤمن بأن التعليم الشمولي يشكّل أساسًا للعدالة والمساواة، إذ يُمكّن الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى فرص تمكين اقتصادي عادلة، ويسهم في إدماجهم في سوق العمل الفلسطيني، بما يعزز مشاركتهم المجتمعية ويدفع نحو تحقيق تنمية مستدامة تقوم على الشمول والإنصاف.

وخلال الفعالية، أكدت نائب رئيس بلدية بيت لحم، لوسي ثلجية، أن جدارية «نبني المستقبل» تجسّد التزام البلدية ببناء مجتمع يوفّر فرصًا متكافئة لجميع فئاته، لا سيما الأشخاص ذوي الإعاقة، سواء في ميادين التعليم أو الثقافة أو المشاركة المجتمعية، مشيرة إلى أن التعليم والفن والشمول تُعد ركائز لبناء مجتمع عادل يتيح تطوير القدرات والانخراط الفاعل في الحياة العامة وسوق العمل الفلسطيني.

وشدّدت ثلجية على أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم شركاء حقيقيون في البناء والعطاء، يمتلكون قدرات ومواهب قادرة على إثراء الحياة العامة، وإلهام المجتمع نحو المزيد من الإبداع والإنسانية. كما أكدت التزام بلدية بيت لحم بالاستمرار في تبنّي مبادرات ومشاريع مستدامة تعزز الشمول وتضمن بيئة عادلة ودامجة تحتضن الجميع، لتبقى المدينة نموذجًا لمدينة إنسانية تحتضن أبناءها وبناتها دون استثناء.

من جهتها، قالت نادين نشاشيبي، مديرة برنامج التعليم في هيئة المعونة الفنلندية «FCA»، إن هذه الجدارية تأتي في سياق تعاون مثمر بين الهيئة ومؤسسة قادر، تحت شعار «معًا نبني المستقبل»، مؤكدة أن الهدف من المشروع هو دعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم في التعليم والحياة العامة وسوق العمل.

وعبّرت نشاشيبي عن تقديرها العميق لبلدية بيت لحم على تخصيصها الجدار الذي تحوّل إلى لوحة فنية تحمل معاني الأمل والانتماء والرؤية المستقبلية، كما ثمّنت مشاركة الطلبة في تصميم وتنفيذ الجدارية، حيث عكسوا من خلال هذا العمل الفني مفاهيم الشمول والوعي بأهمية دور الإنسان، كل إنسان، في المجتمع، بالإضافة إلى الدور البارز الذي لعبته المدارس في دعم وتعزيز نهج التعليم الشامل المبني على المساواة والاحتواء.

وشدّدت نشاشيبي على أن الأطفال ذوي الإعاقة لا يحتاجون إلى الشفقة بل إلى الفرصة، مؤكدة أن توفير بيئة تعليمية وصحية تراعي احتياجاتهم هو السبيل لبناء مجتمع عادل ومتكافئ. وأشارت إلى أن الدمج ليس خيارًا بل هو حق وضرورة، داعية إلى مواصلة الحملات التوعوية والمبادرات المجتمعية التي تسهم في بناء بيئة دامجة ومتقبّلة للجميع، مؤكدة أن جدارية «نبني المستقبل» ليست عملًا فنيًا فحسب، بل خطوة عملية نحو بناء مجتمع يحترم العدالة وكرامة الإنسان.

بدورها، أوضحت شيرين موج، رئيسة مجلس إدارة مؤسسة قادر للتنمية المجتمعية، أن هذا المشروع يعكس التزام المؤسسة وشركائها بتوفير بيئة تعليمية تراعي التنوع وتكفل حقوق جميع الأطفال في الحصول على فرص متكافئة، بصرف النظر عن قدراتهم أو ظروفهم، مشيرة إلى أن التعليم الشمولي هو الطريق نحو تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى فرص مهنية وتعليمية عادلة، الأمر الذي يفتح لهم آفاق التوظيف والتمكين الاقتصادي، ويُسهم في بناء مجتمع أكثر عدلًا واستدامة.

وأضافت موج أن جدارية «نبني المستقبل» تحمل رسالة إنسانية تعبّر عن الأمل والشمول والإبداع، وقد نفّذتها الفنانة لانا كعوش، بمشاركة مجلس طلبة مؤسسة قادر ومتطوعين من جامعة بيت لحم، في تعبير حيّ عن دور الفن كأداة فعّالة للتعبير والتغيير المجتمعي.

وأكدت موج أن هذه الجدارية ستظلّ رمزًا للتعاون والعمل المشترك بين المؤسسات والمجتمع المحلي، كما أنها دعوة مفتوحة نحو تعليم شمولي وتمكين اقتصادي يضمن مستقبلًا أفضل وأوسع للجميع، دون إقصاء أو تمييز.

وفي ختام الاحتفالية، توجّه الحضور إلى موقع الجدارية في شارع بيت ساحور، حيث تم افتتاح الجدارية رسميًا، وسط أجواء من الأمل والإيجابية، واحتفاءً بمبادئ العدالة والمساواة والشمول التي ترمز إليها هذه اللوحة الفنية.