جسور ـ سياحة
بات الحلم الذي يراود السائحين من ذوي الهمم واقعًا تحت مياه البحر الأحمر. هنا، حيث الشعاب المرجانية تتلألأ، والسلاحف تسبح برشاقة، والأسماك الملونة ترقص تحت أشعة الشمس، يجد السائحون من ذوي الإعاقة الحركية تجربةً فريدةً تفتح أمامهم أبواب المغامرة. ولم تعد هذه التجربة مستحيلة، فمراكز الغوص المتطورة في الغردقة ومرسى علم أصبحت مؤهلةً لاستقبالهم وتقديم رحلات غوص مصممة بعناية لتلبي احتياجاتهم وتراعي سلامتهم ومع تحول البحر الأحمر إلى وجهة سياحية متخصصة في استقطاب السائحين من ذوي الاحتياجات الخاصة، تشهد مراكز الغوص إقبالًا كبيراً من الأوروبيين الذين يطمحون لعيش لحظات المغامرة في الأعماق. هذه الرحلات تمنح السائحين شعوراً جديداً بالحرية وتتيح لهم فرصة استكشاف كنوز البحر الأحمر.
وأصبحت العديد من مراكز الغوص في مدن البحر الأحمر، مثل الغردقة ومرسى علم، مؤهلةً لاستقبال ذوي الهمم وتقديم تجربة غوص آمنة ومثيرة لهم، فقد بدأت هذه المراكز بتطوير تجهيزاتها وتدريب كوادرها لتناسب احتياجات ذوي الإعاقة، وذلك بالتعاون مع نوادي ذوي الاحتياجات الخاصة في أوروبا التي تنظم رحلات إلى البحر الأحمر وانه بالنسبة للسائحين من ذوي الهمم، يشكل الغوص تجربة ملهمة تعزز من ثقتهم بأنفسهم وتجعلهم يتحدون التحديات التي قد يواجهونها في حياتهم اليومية، فالتواجد تحت الماء واستكشاف البيئة البحرية يعزز لديهم الشعور بالحرية والانتماء للطبيعة، مما ينعكس إيجاباً على حالتهم النفسية ويزيد من ارتباطهم بالمجتمع ويأمل السائحون من ذوي الاحتياجات الخاصة في تكرار هذه التجربة، ليعيشوا لحظات لا تُنسى بين أسراب الأسماك الزاهية والألوان البديعة للشعاب المرجانية، في أعماق البحر الأحمر.
«بدأنا في تنظيم رحلات غوص لذوي الهمم بعد أن لاحظنا حماساً كبيراً من هذه الفئة لخوض تجربة الغوص»، يقول على سعيد، مرشد غوص في الغردقة.
ويضيف أن تدريب المرشدين في مراكز الغوص يتم بشكل خاص، لضمان تقديم تجربة ممتعة وآمنة في الوقت ذاته. تبدأ التحضيرات بالتدريبات الأساسية داخل حمامات السباحة، حيث يتعلم السائحون كيفية التعامل مع أجهزة الغوص والمعدات الضرورية، ويتعرفون على طريقة التواصل تحت الماء.
واوضج سعيد أن أكبر تحدٍ يواجه هؤلاء السائحين هو النزول إلى الماء، ولكن بفضل تجهيزات اللنشات السياحية التي توفر كراسي متحركة، وأجهزة رفع، ومدربين محترفين، أصبحت هذه العملية أسهل بكثير، يُساعد المدربون السائحين في جميع مراحل الغوص، بدءاً من تجهيز بدلات الغوص وأسطوانات الأوكسجين، وصولاً إلى النزول إلى الماء تحت مراقبة دقيقة وتوضح مراكز الغوص حرصها الشديد على تلبية احتياجات هؤلاء السائحين، حيث تختلف الرعاية التي يتلقونها عن باقي السائحين، ويتم توجيههم باستمرار من قبل المدربين الذين يتمتعون بقدرات عالية من التحمل والمثابرة.
ويشير اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، إلى أنا تعمل على تعزيز مفهوم «السياحة الميسرة» من خلال تطوير البنية التحتية لتصبح ملائمة لاحتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتأتي هذه الخطوة في إطار دعم شامل للسياحة التي تخدم كل أفراد المجتمع، حيث يتم تجهيز الفنادق والمطاعم لتصبح خالية من العوائق، ما يعزز من جاذبية البحر الأحمر كوجهة سياحية مميزة لهذه الفئة.
ويعبر حنفي عن أمله في أن تستمر هذه الجهود في جذب مزيد من السائحين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما يسهم في تحقيق فوائد اجتماعية واقتصادية كبرى للمجتمع المحلي.
وأكد أحمد بيجو منظم رحلات غوص بالغردقة انه بالنسبة للسائحين من ذوي الهمم، فإن تجربة الغوص تعني أكثر من مجرد نزول إلى الماء، بل هي مغامرة تنعش روحهم وتزيد من شعورهم بالثقة بالنفس. إنهم يرون في البحر الأحمر فرصة للابتعاد عن ضغوط الحياة، حيث يعزز الغوص لديهم الشعور بالتحرر والانتماء للطبيعة، ما ينعكس إيجابياً على حالتهم النفسية.
وأوضح بيحو انه لا شك أن هذه التجربة الاستثنائية تترك أثراً عميقاً في نفوسهم، حيث يعودون إلى بلادهم محملين بذكريات ساحرة تحت الماء، متطلعين إلى فرصة العودة مجدداً لخوض المزيد من المغامرات في البحر الأحمر، حيث ينتظرهم عالم لا نهائي من الجمال في أعماق المياه الزرقاء.
واكد رامي فايز عضو مجلس ادارة غرفة المنشات الفندقية انه مياه البحر الأحمر اصبحت وجهة مفضلة لعدد متزايد من السائحين الأوروبيين من ذوي الإعاقة الحركية، الذين باتوا يجدون في رحلات الغوص تجربة مدهشة تلامس قلوبهم وتفتح أمامهم عالماً من المغامرة والاستكشاف. وان هذه الرحلات لا تقتصر على متعة الغوص وحسب، بل تمنحهم فرصة لتحقيق حلم طالما راودهم بالنزول إلى أعماق البحار ومشاهدة الشعاب المرجانية، والسلاحف، والأسماك الملونة التي تزين قاع البحر الأحمر.