جسور ـ حقوق
أولى الإسلام اهتماما بالغا بذوي الاحتياجات الخاصة، منذ فجر الدعوة، ونهى عن التمييز بين الناس على أساس الإعاقة.. وبمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، نسلط الضوء على المبادئ الإسلامية التي تتناول حقوقهم وسبل التعامل معهم.
أكد محمد عبد الهادي، الواعظ العام بالأزهر الشريف والباحث فى الشريعة الإسلامية، أن الإسلام هو دين الرحمة والعدالة، وقد أولى عناية كبيرة بذوي الإعاقة، حيث أكد على حقوقهم وكرامتهم وضرورة دمجهم في المجتمع بصورة تحفظ إنسانيتهم وتضمن لهم حياة كريمة.
وقال، في تصريحات صحفية: جاء الإسلام ليؤكد أن جميع البشر متساوون أمام الله، بغض النظر عن حالتهم البدنية أو العقلية. يقول الله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم” (الإسراء: 70).. ويشمل هذا التكريم الجميع دون استثناء، مما يعني أن ذوي الإعاقة لهم نفس الحقوق والواجبات التي تضمن لهم حياة كريمة.
وأضاف محمد عبد الهادي: نهى الإسلام ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن التمييز على أساس الإعاقة، حيث تعتبر هذه الصفة جزءًا من الابتلاء الذي يرفع الله به درجات الإنسان إذا صبر واحتسب.. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، تعامل سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، مع الصحابي الجليل عبد الله بن أم مكتوم، الذي كان كفيفًا، حيث جعله مؤذنًا وأحد القادة في المدينة.
وأوضح الواعظ بالأزهر الشريف أن الإسلام راعى ظروف ذوي الإعاقة، وأعفاهم من التكاليف الشرعية التي قد تشق عليهم. فعلى سبيل المثال، لا يجب الصيام على من يعجز عنه بسبب إعاقته، كما قال الله تعالى: “لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها” (البقرة: 286).
وأشار إلى أن الإسلام حث على معاملة ذوي الإعاقة برحمة وإحسان، وجعل ذلك سببًا لنيل الأجر العظيم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من لا يَرحم لا يُرحم” (رواه البخاري).. كما أوصى النبي بإطعام المحتاجين والضعفاء، وهو ما يشمل ذوي الإعاقة.
ولفت محمد عبد الهادي إلى أن الإسلام دعا إلى دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، ومنحهم الفرص المتساوية للعمل والتعليم والمشاركة في الحياة العامة. وأبرز مثال على ذلك هو استشارة النبي، صلى الله عليه وسلم، لابن أم مكتوم في شؤون المسلمين، مما يبرز مكانته الاجتماعية ودوره الفعال.
وقال: وضعت الشريعة الإسلامية أسسًا لحماية حقوق ذوي الإعاقة، منها: حق النفقة: إذا كان الشخص ذو الإعاقة غير قادر على العمل، وجب على عائلته أو الدولة الإنفاق عليه.. حق الميراث: يضمن الإسلام نصيب ذوي الإعاقة في الميراث، وفقًا للأنصبة الشرعية.. حق التعليم والتأهيل: يشجع الإسلام على توفير فرص تعليمية ومهنية تتناسب مع قدرات ذوي الإعاقة.
واختتم، قائلا: يبرز اهتمام الإسلام بذوي الإعاقة صورة مشرقة عن مجتمع متكافل يتسم بالرحمة والمساواة. ومع احتفال العالم باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، ينبغي لنا أن نستحضر هذه القيم الإسلامية، ونعمل على تعزيز حقوق ذوي الإعاقة وتمكينهم من المشاركة الكاملة في المجتمع.