جسور- وكالات – فاطمة الزهراء بدوي
بينما يحتفل الملايين حول العالم بـ عيد الأب، تحول المنشور الذي كتبته إيما هيمينغ ويليس، زوجة الممثل الأمريكي الشهير بروس ويليس، إلى رسالة مؤثرة عن الآباء الذين يعيشون مع الإعاقة أو المرض المزمن، في مشهد عاطفي لامس قلوب المتابعين وأعاد تسليط الضوء على قضية نادرًا ما تجد صوتًا داخل مجتمع المشاهير: أبوة الأشخاص ذوي الإعاقة.
ففي منشور عبر حسابها الرسمي على إنستغرام، شاركت إيما صورة تجمع بروس ويليس (70 عامًا) بإحدى ابنتيهما، وكتبت تقول:”عيد أب سعيد لكل الآباء الذين يعيشون مع إعاقة أو مرض، ويواصلون الحضور بأفضل ما يستطيعون.. ما يُعلمه بروس لبناتنا يتجاوز الكلمات: الصمود، والحب غير المشروط، والقوة في التواجد”. وقد اعتُبر هذا المنشور صوتًا صريحًا لواقع غير مرئي غالبًا: الآباء ذوو الإعاقة الذين يواصلون أدوارهم التربوية والعاطفية رغم التحديات.
رحلة المرض: من “Die Hard” إلى الصمت التدريجي
في عام 2022، أعلنت أسرة بروس ويليس إصابته بـ الأفازيا، وهو اضطراب لغوي يُفقد الشخص القدرة على الكلام والتواصل. وفي فبراير 2023، تم الكشف عن التشخيص الأدق: الخرف الجبهي الصدغي (FTD)، وهو أحد أصعب أشكال الخرف، يؤثر على مراكز السلوك، اللغة، والعواطف، ما يجعل التفاعل اليومي تحديًا كبيرًا.
بالنسبة للعديد من العائلات، يُعد هذا النوع من الخرف إعاقة غير مرئية، حيث لا تُقاس بحركة جسدية، بل بانسحاب تدريجي من اللغة والقدرة على التعبير والمبادرة. وهنا تبرز رمزية حديث إيما، التي كتبت: “أحيانًا مجرد الحضور هو بطولة.. الحب يتعمق، يتكيف، ويظل حتى حين يتغير كل شيء آخر”.
أبوة ذوي الإعاقة: التحدي المزدوج
في معظم النقاشات العامة حول الإعاقة، تغيب صورة الأب المُصاب، وتُهيمن صورة المتلقي للرعاية. لكن منشور إيما يسلط الضوء على بُعد مهم: الآباء ذوو الإعاقة لا يتوقفون عن أن يكونوا آباء.
هؤلاء يُعلمون أبناءهم ولو بصمت، دروسًا في الصبر، التقبل، والمقاومة الهادئة. وقد عبر عدد كبير من المتابعين عن تقديرهم لهذا الطرح الإنساني، وكتب أحدهم: “ما تكتبينه يغير طريقة نظرتنا للإعاقة داخل الأسرة، ويُعيد تعريف مفاهيم القوة والرجولة”.
بين التقبل والوعي المجتمعي
“كتبت إيما في منشورها: أشعر بحزن عميق، وأتمنى من أعماقي لو كانت الأمور أكثر رحمة، لكن كما نقول في مجتمع FTD: It is what it is، ليس استسلامًا بقدر ما هو اعتراف شجاع بالواقع، وطريقة للثبات حين لا يبقى في اليد حيلة سوى القبول”. هذه الكلمات تُعيد طرح سؤال جوهري: هل نوفر بيئة داعمة للآباء المصابين بأمراض تؤدي إلى إعاقات عقلية أو سلوكية؟
في الولايات المتحدة، لا يزال الدعم النفسي والاجتماعي لأفراد العائلة الذين يعيشون مع شخص مصاب بـ FTD محدودًا، رغم وجود منظمات مثل AFTD التي تعمل على التوعية وتوفير الموارد. أما في العالم العربي، فغالبًا ما تواجه الكثير من الأسر التي تتعامل مع أمراض مشابهة وصمة مجتمعية، إلى جانب ضعف التشخيص المبكر وغياب الرعاية المجتمعية طويلة الأمد.
من نجم عالمي إلى صوت للقبول
لطالما ارتبط اسم بروس ويليس بـ القوة والبطولة في أفلام مثل Die Hard وThe Fifth Element، لكن معركته الحالية أظهرت جانبًا آخر من القوة: الهدوء أمام الانكسار، والحب رغم التغير، والتواجد رغم الغياب التدريجي للذات. تقول إيما: “دعونا نحتفل اليوم بآباء يواجهون إعاقاتهم بشجاعة، سواء كانوا بجوارنا أو نُبقي ذكراهم حية”.