وكالات – جسور – فاطمة الزهراء بدوي
كشف تقرير حديث للمعهد الاقتصادي والاجتماعي للبحوث (ESRI) أن نسبة متزايدة من الأطفال في أيرلندا يعيشون في ظروف حرمان مادي حاد، رغم أن أسرهم لا تُعد فقيرة، وفق المقاييس الرسمية. التقرير، الذي صدر اليوم، يشير إلى أن ما يقرب من واحد من كل خمسة أطفال (17%) عاشوا حياة الحرمان، مقارنة بـ12% فقط في العام الذي سبقه.
هذا التزايد المقلق يعود في جزء كبير منه إلى التكاليف المتصاعدة للإسكان، والعبء المالي الذي تمثله الإعاقة داخل الأسرة، إضافة إلى تراكم الديون.
ويؤكد التقرير أن الطريقة الحالية لقياس الفقر، والتي تعتمد على الدخل فقط، لم تعد تعكس الصورة الكاملة للحرمان، مطالبًا بتحديث مؤشرات الفقر لتشمل عوامل مثل الإيجارات المرتفعة والنفقات المرتبطة بالإعاقة.
في أيرلندا، يُعد الشخص تحت خط الفقر إذا كان دخله القابل للإنفاق أقل من 60% من الوسيط الوطني. لكن التقرير وجد أن هناك أطفالًا يعيشون في أسر تتجاوز هذا الحد، ومع ذلك يعانون من نقص في ضروريات الحياة الأساسية، كوجبة غنية بالبروتين كل يومين، أو تدفئة كافية في فصل الشتاء، أو حذاء إضافي بحالة جيدة.
ويكشف التقرير أن 39% من الأطفال المحرومين رغم عدم فقر أسرهم دخلًا، يعيشون في منازل بها فرد واحد على الأقل فوق سن 16 يعاني من إعاقة. ويرجح الباحثون أن التكاليف الإضافية المرتبطة بالإعاقة، مثل العلاج أو الأدوات المساعدة، تقلص كثيرًا من قدرة الأسر على تلبية باقي احتياجاتها.
إلى جانب ذلك، يعيش 41% من هؤلاء الأطفال في أسر معيلها الوحيد أحد الوالدين. وتُظهر البيانات أن هذه الأسر تعاني من ضغوط مالية مضاعفة، ولديها معدلات أعلى من الديون المتراكمة والتأخر في سداد الفواتير، مقارنة حتى بالأسر الأكثر فقرًا.
وتقول المؤلفة المشاركة في التقرير، إيفا سليفن، إن هذه النتائج تضع تحديًا مباشرًا أمام صانعي السياسات، إذ تشير إلى وجود فئة كاملة من الأطفال تعاني من الحرمان، لكن لا تشملها برامج الدعم الحالية لأنها فوق خط الفقر رسميًا. وأضافت: “هؤلاء الأطفال وأسرهم يواجهون مستويات مقلقة من التوتر المالي، والصحة النفسية المتدهورة، والعجز عن مواجهة النفقات الطارئة، وهي سمات عادة ما نربطها بالفقر المزمن”.
التقرير يطالب بإعادة النظر في سياسات الدعم الموجهة للأطفال، وتوسيع نطاق الاستحقاقات الاجتماعية لتشمل من هم في هذا الوضع الوسيط. كما يشير إلى أهمية استخدام مقياس “ما بعد تكاليف السكن” لتقييم الدخول بشكل أكثر واقعية، وهو ما بدأ مكتب الإحصاء المركزي في أيرلندا بنشره مؤخرًا. ويرى الباحثون أن الوقت قد حان لإدراج تكلفة الإعاقة ضمن هذه الحسابات أيضًا.
وفي تصريحات له عقب صدور التقرير، قال تاوسيش مايكل مارتن إن هذه الدراسة “تساعدنا في فهم أعمق للأسباب المركبة التي تدفع الأطفال إلى الحرمان، رغم أن أسرهم لا تُعد فقيرة بحسب المعايير التقليدية”، مؤكدًا التزام الحكومة بتوجيه الدعم إلى “أكثر الأطفال هشاشة، لضمان أن يحصل كل طفل على بداية عادلة في الحياة”.