هل يزيد «الباراسيتامول» خطر إصابة الأطفال بالتوحد وفرط الحركة؟

هل يزيد «الباراسيتامول» خطر إصابة الأطفال بالتوحد وفرط الحركة؟

المحرر: محمود الغول - مصر
تناول الباراسيتامول خلال الحمل قد يسبب التوحد

الباراسيتامول أو ما يعرف بالأسيتامينوفين، هو واحد من أكثر مسكنات الألم والحمى استعمالاً حول العالم، ويُعتمد عليه بشكل واسع بين الحوامل لتخفيف الألم والحمى، خلال فترة الحمل.

وفي السنوات الأخيرة أظهرت أبحاث ودراسات علمية متزايدة أن استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل، قد يرتبط بزيادة خطر إصابة الأطفال باضطرابات نمو عصبي، مثل التوحد واضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه (ADHD)، رغم أن العلاقة ليست مؤكدة بشكل قاطع ولا تزال محل نقاش وبحث مستمر.

عدة دراسات وبحوث عالمية قامت بتحليل بيانات آلاف الأمهات وأطفالهن، كشفت عن زيادة نسبية في خطر ظهور أعراض التوحد وADHD لدى الأطفال الذين تعرضوا لمادة الباراسيتامول في رحم أمهاتهم خلال فترة الحمل.

دراسة شملت أكثر من 70 ألف طفل من دول عدة أوروبية مثل المملكة المتحدة والدنمارك وإيطاليا وإسبانيا، وجدت أن الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم للباراسيتامول كانوا أكثر احتمالية للإصابة بأعراض التوحد بنسبة تزيد عن 19% وبفرط الحركة ونقص الانتباه بنسبة 21%، مقارنة بالأطفال غير المعرضين.

لم تُثبت أي من البحوث بشكل قاطع أن الباراسيتامول هو المسبب المباشر للتوحد
لم تُثبت أي من البحوث بشكل قاطع أن الباراسيتامول هو المسبب المباشر للتوحد

 

دراسة أخرى أجرتها جامعة واشنطن اعتمدت على تحليل عينات دم من أمهات وأطفال بالأسيتامينوفين في الثلث الثاني من الحمل، ووجدت أن الأطفال الإناث خصوصًا ممن تعرضوا للباراسيتامول لديهم ثلاثة أضعاف احتمال التشخيص باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مقارنة بغيرهم. ومثّل هذا الارتباط بين التعرض للدواء ومخاطر اضطرابات النمو العصبي محور بحث في مجلة Nature Mental Health.

هل السبب مباشر؟

رغم وجود علاقة قوية تظهرها هذه الدراسات، لم تُثبت أي من البحوث بشكل قاطع أن الباراسيتامول هو المسبب المباشر للتوحد أو ADHD. العلماء ينبهون إلى أن هذه الاضطرابات معقدة ومتشعبة الأسباب، وتتأثر بعوامل جينية وبيئية عدة. كما أن الاستخدام المتكرر والمزمن للدواء قد يكون له تأثيرات مختلفة مقارنة باستخدامه كجرعة واحدة ومسكن مؤقت.

البروفيسور أندرو مور من مجموعة كوكرين أوضح أن الرأي السائد عن أمان الباراسيتامول قد يحتاج لإعادة نظر، خاصة في الاستخدام المزمن، لكنه أشار إلى أن الجسم الطبي لا يطالب بعدم استخدام الدواء أثناء الحمل، بل ينصح بالاستخدام الحذر وبأقل جرعة ممكنة وزمن محدود، مع ضرورة استشارة الطبيب.

تحذيرات العلماء ونصائحهم للأمهات

العديد من الدراسات تؤكد على ضرورة أخذ الحذر بالجرعات المستعملة من الباراسيتامول أثناء الحمل، ففي بعض الحالات رُصدت تغييرات جينية وبيوكيميائية في المشيمة أثناء تأثير الدواء، وهو ما قد يزيد من احتمالات اضطرابات النمو العصبي لدى الأطفال، ولذلك، ينصح العلماء بعدم تناول المسكنات بلا ضرورة، والحرص على استشارة الطبيب خاصة عند الحاجة لاستعمال الدواء لفترات طويلة.

الهيئات التنظيمية مثل هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA) ووكالة الأدوية الأوروبية لا تصنف الباراسيتامول كدواء خطير، لكن التحذيرات الحالية تدعو إلى الحذر وعدم الإفراط في استخدامه، مع أن الفوائد في خفض الحمى وتسكين الألم تبقى مهمة وقيمة أثناء الحمل، ولا يجب حرمان النساء منها إلا تحت إشراف طبي مباشر.

في ظل هذه النتائج يبقى الباراسيتامول خيارًا متاحًا ومسكنًا شائعًا، لكن المتابعة المبكرة والنقاش الطبي حول الجرعات وفترات الاستخدام ضرورة حتمية عند الحوامل.

ويؤكد العلماء أن الأبحاث مستمرة لتحديد العلاقة الدقيقة بين التعرض للباراسيتامول أثناء الحمل والمخاطر الصحية للأطفال، مؤكدين أن الوقاية والحذر يبقيان أفضل معايير حماية للأم والجنين معًا.

المسألة بحاجة لمزيد من الدراسات العلمية التي تعتمد طرق متقدمة في التحليل الجيني والبيوكيميائي لفهم آليات التأثير المحتملة، مع دعم الحملات التوعوية لتفادي الاستخدام العشوائي للباراسيتامول خلال فترة الحمل.

وبهذا يوصى كل حامل بعدم استخدام الباراسيتامول إلا عند الضرورة القصوى وتحت إشراف طبي، مع الالتزام بالجرعات المحددة وعدم الإكثار منه، لضمان صحة الطفل وسلامته العصبية على المدى الطويل.

المقالة السابقة
انطلاق «ملتقى أولادنا» الدولي التاسع لفنون الإعاقة 18 سبتمبر.. من القاهرة
المقالة التالية
60 طالبًا وطالبة يتحدون الصمت في «مدرسة الأمل» بإربد في الأردن

وسوم

أصحاب الهمم (45) أمثال الحويلة (393) إعلان عمان برلين (395) اتفاقية الإعاقة (542) الإعاقة (110) الاستدامة (936) التحالف الدولي للإعاقة (911) التشريعات الوطنية (731) التعاون العربي (421) التعليم (59) التعليم الدامج (57) التمكين الاقتصادي (67) التنمية الاجتماعية (932) التنمية المستدامة. (61) التوظيف (47) التوظيف الدامج (701) الدمج الاجتماعي (617) الدمج المجتمعي (133) الذكاء الاصطناعي (70) العدالة الاجتماعية (56) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (423) الكويت (68) المجتمع المدني (921) الولايات المتحدة (52) تكافؤ الفرص (918) تمكين (67) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (505) حقوق الإنسان (61) حقوق ذوي الإعاقة (76) دليل الكويت للإعاقة 2025 (369) ذوو الإعاقة (130) ذوو الاحتياجات الخاصة. (891) ذوي الإعاقة (457) ذوي الهمم (45) ريادة الأعمال (382) سياسات الدمج (904) شركاء لتوظيفهم (377) قمة الدوحة 2025 (552) كود البناء (371) لغة الإشارة (50) مؤتمر الأمم المتحدة (331) مجتمع شامل (911) مدرب لغة الإشارة (580) مصر (52) منظمة الصحة العالمية (600)