يقف الطفل شبر علي (12 عامًا) المصاب بمتلازمة داون، بين الطهاة والعمال في مطبح مطعم والدته، الذي يحمل اسم «كافيه 1947» في حي «دفاع» الراقي بمدينة كراتشي في باكستان، يتابع بحب وحماس إعداد أطباق الطعام، وتجهيزها.
لم يكن وجود الطفل المصاب بمتلازمة داون في هذا المكان مجرد مشاركة عائلية عابرة، بل ثمرة حلم دعمته من أجل تحقيقه والدته مضيفة الطيران السابقة بالخطوط الجوية السعودية، أصية رضوي، التي آمنت بأن لابنها مكانًا حقيقيًا في المجتمع، وأن إعاقته لا تعني حرمانه من تحقيق ذاته.
رضوي التي أنهت مسيرتها المهنية في الطيران بعد سنوات طويلة من السفر، قررت أن تبدأ رحلة جديدة في عالم الطهو، وفي مايو الماضي افتتحت مطعم «كافيه 1947» بمشاركة ابنها شبر وابن شقيقتها المصاب بالتوحد، لتقدم نموذجًا حيًا على أن الإرادة قادرة على تحويل التحديات إلى فرص.
تقول رضوي: «فعلت ذلك من أجله.. أريد أن يصبح شبر طاهيًا أو خبازًا، الفكرة جاءت منه، وإذا أنعم الله عليك بطفل مميز، فعليك أن توليه رعاية خاصة».
إرادة أم وحلم طفل
لا يكتفي شبر بالوجود في المطبخ، بل يشارك في تفاصيل إعداد الأطعمة، ويظهر شغفًا خاصًا بالخبز والحلويات، ما دفع والده للتأكيد على أن ولعه بالطهي قد يكون طريقه لمستقبل مستقل.

مطبخ يعكس التنوع
المطعم يقدّم قائمة دوارة على مدار الأسبوع، تبدأ بالأفغاني وتتنقل بين الصيني والباكستاني والمغولي والفلسطيني، وصولًا إلى الأطباق الشرق أوسطية، لكن ما يميزه ليس التنوع فقط، بل القصص التي ترويها الابنة الكبرى أيمال زهرا للزبائن عن أصل الأطباق ومعانيها الثقافية، ومنها «المسخن» الفلسطيني الذي يرمز للتشبث بالأرض.

رسالة أمل
لا يقتصر المشروع على الطهو فحسب، إذ يذهب جزء من عائدات بعض الأطباق لدعم قضايا إنسانية، ومن خلال لمسته المنزلية ونكهاته المتنوعة، حظي المطعم بإشادة واسعة من الزبائن الذين وصفوه بتجربة مختلفة تدفعهم للعودة مرة أخرى.
بهذه الخطوة، لم تمنح رضوي ابنها المصاب بمتلازمة داون فرصة لإثبات ذاته فقط، بل قدّمت مثالًا على قوة الأمهات في مواجهة التحديات وتحويل الإعاقة إلى حافز للأمل والإبداع.