شهدت ولاية ماريلاند الأميركية، مساء أمس الأربعاء، حدث فارق، بالنسبة لذوي الإعاقة، مع دخول «قانون إيريك» حيز التنفيذ، وهو التشريع الذي يتيح للمواطنين طلب إضافة رمز «فراشة» على بطاقات الهوية ورخص القيادة، للدلالة على أن حاملها يعاني من إعاقة غير ظاهرة مثل التوحد أو الإعاقات المعرفية.
أول بطاقة فراشة
في مكتب إدارة المركبات بفرع «وايت أوك»، تسلّم الشاب إيريك كاربنر-جرانتهام، البالغ من العمر 20 عامًا والمصاب بالتوحد، أول بطاقة تحمل الرمز الجديد، ظهرت صورته على الهوية وإلى جوارها الفراشة الصغيرة فوق عبارة «إعاقة مخفية» اللحظة كانت رمزية للغاية، فالقانون حمل اسمه منذ البداية تقديرًا لدوره في الدعوة لهذا التغيير.
إيريك، الذي يدرس في كلية «مونتغومري»، عبّر عن سعادته قائلًا: «لقد باركني الله لأشارك في تصميم رمز خاص يوضع على بطاقات أشخاص مثلي، إذا تم توقيفنا من قِبل الشرطة، سنكون بأمان، قانون إيريك يساعد رجال الشرطة والمجتمع على فهم احتياجات أصحاب الإعاقات غير الظاهرة».
احتفالية رسمية
الاحتفال شهد حضورًا واسعًا من المسؤولين المنتخبين، ممثلي جمعيات الدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة، وأسر دعمت القانون منذ كان مجرد مشروع، ومن بين الحضور الطفلة أديسون، ابنة نائب رئيس مجلس مقاطعة مونتغومري ويل جواندو، والمصابة بالتوحد.
ظهر جواندو مبتسمًا بجوار ابنته وقال: «اليوم يوم مميز، كأب لطفلة مصابة بالتوحد، أشعر بالفخر أن أراها تحمل هذه البطاقة، بالنسبة لها هذا شكل من أشكال الدفاع عن النفس».

مضمون القانون
بموجب التشريع الجديد، أصبح بإمكان أي مقيم في ماريلاند طلب إضافة رمز الفراشة على بطاقات الهوية ورخص القيادة وتراخيص قيادة الدراجات الصغيرة، والحصول على الرمز طوعي، ولا يتطلب مستندات أو تقارير طبية، كما يمكن إضافته أو إزالته مجانًا في أي وقت.
اختيرت الفراشة لأنها تعكس الأمل والتحول، واستلهمت من تفاصيل يومية في حياة إيريك، حيث كانت عائلته تحتفظ بمغناطيس على شكل فراشة في المطبخ، إدارة المركبات شددت على أن بيانات الإعاقة لن تُشارك مع أي جهات أخرى، مع بقاء الرسوم الإدارية المعتادة كما هي.
تدريب الشرطة
القانون يلزم وكالات الشرطة والهيئات التدريبية بإعداد برامج متخصصة لتعليم الضباط كيفية التعامل مع حاملي البطاقة، الهدف هو تفادي سوء الفهم والتصعيد في المواقف الميدانية، خاصة مع أشخاص قد يواجهون صعوبة في التواصل أو التصرف تحت الضغط.
جون كار، شريف مقاطعة برنس جورج، أشاد بدور الشاب إيريك في الدفع بالتشريع قائلًا: «حقيقة أن شابًا في العشرين استطاع أن يجمع الجميع حول هذه الفكرة أمر مذهل، نحن هنا لنخدمكم، وسنظل دائمًا بجوار أصحاب الإعاقات غير الظاهرة».
رحلة تشريعية طويلة
القانون لم يأت بسهولة، تعود فكرته إلى عام 2022 عندما طرحت النائبة السابقة راشيل جونز المشروع مستوحية إياه من تجربة ابنها آرون المصاب بالتوحد، ورغم أن التشريع مرّ بمجلس النواب وقتها، فإنه تعثر في مجلس الشيوخ.
جونز واصلت نضالها مع عائلة إيريك، وتعاونت مع مشرعين بارزين مثل السيناتور ويليام سميث جونيور، والنائبتين جينيل ويلكنز وكيم تايلور، الأخيرة اعتبرت الأمر شخصيًا، إذ أن ابنها البالغ 27 عامًا يعاني أيضًا من إعاقة غير ظاهرة، وقالت: «كأم لطفل يعانى طيف التوحد، أعرف تمامًا الخوف والقلق حين يعيش ابنك مع تحديات غير مرئية، هذا القانون رسالة أمان ورحمة وعدالة لعائلات مثلنا».
إشادة وانتقادات
مع دخول «كارت الفراشة» حيز التنفيذ، رحبت معظم العائلات والمنظمات بهذه الخطوة، معتبرة أنها تقدم طبقة حماية إضافية وتقلل من خطر سوء الفهم في المواقف اليومية، لكن بعض الجمعيات الحقوقية أبدت مخاوف من احتمال وصم الأفراد أو استغلال الرمز بشكل سلبي، وأثارت تساؤلات حول الخصوصية.

المشرعون بدورهم أقروا بأن الرمز ليس حلًا كاملًا، بل «معلومة إضافية» تساعد الضباط وفرق الإسعاف على التصرف بمرونة، مع التأكيد أن برامج التدريب المصاحبة ستحد من أي مشكلات محتملة.
رسالة إنسانية
بالنسبة لعائلات مثل عائلة إيريك، لم يكن «كارت الفراشة» مجرد تعديل على بطاقة هوية، بل إعلان مجتمعي بأن الإعاقات غير الظاهرة تستحق الفهم والدعم، تقول راشيل جونز: «أردنا أن نوفّر حماية إضافية لأبنائنا. رؤية هذا يتحقق اليوم هو بمثابة حلم تحول إلى حقيقة».
ورغم الانتقادات، يبقى المشهد في ماريلاند محطة فارقة، فالقانون لا يمنح فقط رمزًا على بطاقة، بل يعكس تحوّلًا في نظرة المجتمع نحو فئة طالما عانت من سوء الفهم.، وكما وصفه بعض المشاركين، فإن الفراشة الصغيرة قد تصبح «أجنحة حماية» لكل من يعيش بتحديات غير مرئية.