فنان من ذوي الإعاقة يُبدع في النقش على النحاس بـ«الصقور والصيد» السعودي

فنان من ذوي الإعاقة يُبدع في النقش على النحاس بـ«الصقور والصيد» السعودي

المحرر: سماح ممدوح حسن-السعودية

يشهد معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 مشاركة فنية لافتة لأحد المبدعين من ذوي الإعاقة. إذ يقدّم الفنان أسامة الحربي تجربته الفريدة في الرسم على النحاس أمام الزوار ضمن منطقة الفنون بالمعرض، ليحوّل مساحة العرض إلى ورشة إبداع حيّ تمزج بين الفن والإرادة وتمنح الزوار فرصة مشاهدة تفاصيل العمل الفني منذ لحظته الأولى وحتى اكتماله.

ويعرض الحربي لوحاته المنفذة بأسلوب دقيق يبدأ بـ التخطيط بالقلم الرصاص، ثم النقش على النحاس وتلوينه بالألوان الخشبية، مع إضافة طبقة من صوف الفلين أسفل اللوحة تمنح العمل بروزًا ذا بعد ثلاثي الأبعاد، في تجربة تجمع الحس الجمالي بالدقة التقنية والابتكار في معالجة الخامة.

واستهل الفنان مشاركته هذا العام بلوحةٍ تجسد صورة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على أن يستكمل خلال الأيام المقبلة سلسلة لوحاتٍ لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ، وملوك المملكة الراحلين، رحمهم الله، مؤكدًا أن هذه الأعمال تمثل بالنسبة له رسالة وفاء وامتنان للوطن وقيادته، وتجسيدًا لروح الانتماء التي تشكل جوهر فنه.

ويعتمد الحربي في أعماله على تقنيات دقيقة تراعي طبيعة النحاس، إذ تمنح الألوان الخشبية سطح اللوحة نعومة خاصة من دون أن تسبب خدوشًا أو تشققات، ما يعكس خبرته الطويلة في التعامل مع هذا المعدن الذي يجمع بين الصلابة والحساسية في آنٍ واحد.

وقد حظي ركنه الفني بإقبال واسع من الزوار الذين أبدوا إعجابهم بموهبته ودقته، متوقفين طويلاً أمام تفاصيل أعماله التي تنبض بالحياة وتعكس طاقة إيجابية ملهمة. كما يتيح الحربي لزوّاره اقتناء لوحاته المعروضة للبيع، في خطوة تعكس دمج الفن بالإبداع التجاري وتفاعل الجمهور مع التجارب الإنسانية الملهمة.

ويأتي حضور الفنان أسامة الحربي ضمن منطقة الفنون التي أصبحت من أكثر أركان المعرض جذبًا للجمهور إذ تجمع بين الفنون التشكيلية والنحت والتصوير والرسم الحي وتحتضن نخبة من الفنانين السعوديين والخليجيين الذين يقدمون أعمالاً تستلهم التراث والبيئة والطبيعة السعودية بأساليب معاصرة. وتتيح المنطقة للزوار فرصة التفاعل المباشر مع الفنانين أثناء تنفيذ أعمالهم، ما يخلق حوارًا بصريًا وإنسانيًا يعمّق تقدير الفن كجزء من هوية المجتمع.

وتمثل مشاركة الفنانين من ذوي الإعاقة في منطقة الفنون إضافة نوعية لرسالة المعرض، التي تتجاوز عرض أدوات الصيد والصقور لتحتفي بمفاهيم الإرادة والإبداع، وتؤكد أن الفنون ليست حكرًا على فئة دون أخرى، بل مساحة مفتوحة أمام كل من يملك موهبة وشغفًا حقيقيًا. كما تسهم هذه المشاركة في رفع الوعي المجتمعي تجاه أهمية دمج ذوي الإعاقة في الحياة الثقافية والفنية، بما يتسق مع رؤية المملكة 2030 التي تدعم تمكينهم وتعزيز حضورهم في مختلف المجالات.

يقام معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 يُقام في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات بمَلهم شمال الرياض، خلال الفترة من 2 إلى 11 أكتوبر الجاري، متضمنًا 23 فعالية ثقافية وترفيهية وتعليمية متنوعة تجمع بين الأصالة والتراث والفن الحديث، ليؤكد المعرض مكانته كأحد أبرز الأحداث السنوية التي تحتفي بالإرث السعودي وتكرّس قيم الإبداع والتنوّع الثقافي.

وتشهد المملكة العربية السعودية خطوات متسارعة وواضحة لتعزيز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الحقل الفني والثقافي، كجزءٍ من رؤية المملكة 2030 التي تراهن على تمكين جميع فئات المجتمع وتفعيل مبدأ المساواة. ومن خلال التشريعات والسياسات والمبادرات المتنوعة، تحرص المملكة على تمكين ذوي الإعاقة من المشاركة الفنية والإبداعية ليس كمراقبين أو متلقين، بل كمبدعين فاعلين يسهمون في إثراء المشهد الثقافي الوطني.

من الناحية التشريعية، صدر قانون حقوق ذوي الإعاقة الذي يُعد إطارًا قانونيًا شاملاً يكفل الحقوق والخدمات، ويضمن توفير بيئة مناسبة لهم للمشاركة الاجتماعية والثقافية. ويعزز هذا النظام مكانة ذوي الإعاقة باعتبارهم جزءًا أساسيًا من التنمية الثقافية والفكرية في المجتمع.

وعلى مستوى المؤسسات، تعمل هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة كجهة محورية في صياغة الاستراتيجيات والسياسات التي تربط بين القطاعات المختلفة، مثل الثقافة والتعليم والتنمية الاجتماعية، بهدف تمكين هذه الفئة والتغلب على العقبات التي تواجهها.

كما أطلقت وزارة الثقافة عددًا من المبادرات والمنصات التي تجمع بين الفنون التشكيلية والأدائية لفنانين من ذوي الإعاقة، وتسهم في إبراز مواهبهم الفنية وتوفير فرص عرض وبيع لأعمالهم ضمن الفعاليات الثقافية الوطنية.

ومن النماذج العملية لهذه الجهود، مبادرة هيئة الموسيقى لتعليم الموسيقى لذوي الإعاقة في عدد من مناطق المملكة، مثل الرياض وجدة والخبر، والتي تقدم برامج تعليمية متخصصة تراعي احتياجاتهم الفردية وتعمل على دمجهم في الأنشطة الموسيقية الجماعية.

كما اعتمدت هيئة المتاحف قرارًا بإعفاء ذوي الإعاقة ومرافقيهم من رسوم الدخول لمعظم المعارض والفعاليات المتحفية، ما يسهم في توسيع مشاركتهم الثقافية والمعرفية وإزالة العوائق المادية أمام تفاعلهم مع الفنون.

وتلعب برامج التوعية المجتمعية دورًا مهمًا في دعم هذا التوجه، من خلال الفعاليات والأمسيات الفنية التي تُنظم خصيصًا لذوي الإعاقة، وتشجعهم على المشاركة وتقدير الإبداع، وتعمل على كسر الصورة النمطية عن الإعاقة بوصفها عائقًا، لتؤكد أنها يمكن أن تكون مصدر قوة وإلهام وإبداع فني وإنساني.

المقالة السابقة
الرياض تستضيف الملتقى الأول لأبحاث الإعاقة تحت شعار «نبحث اليوم، لنُمكّن غداً»
المقالة التالية
«قادرون باختلاف» يضع ملامح خطة تطوير شاملة لخدمة ذوي الإعاقة في مصر

وسوم

أمثال الحويلة (397) إعلان عمان برلين (460) اتفاقية الإعاقة (608) الإعاقة (142) الاستدامة (1099) التحالف الدولي للإعاقة (1072) التشريعات الوطنية (844) التعاون العربي (514) التعليم (83) التعليم الدامج (65) التمكين الاقتصادي (90) التنمية الاجتماعية (1094) التنمية المستدامة. (84) التوظيف (64) التوظيف الدامج (827) الدامج (56) الدمج الاجتماعي (637) الدمج المجتمعي (163) الذكاء الاصطناعي (86) العدالة الاجتماعية (73) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (508) الكويت (86) المجتمع المدني (1076) الولايات المتحدة (63) تكافؤ الفرص (1069) تمكين (87) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (527) حقوق الإنسان (76) حقوق ذوي الإعاقة (95) دليل الكويت للإعاقة 2025 (373) ذوو الإعاقة (156) ذوو الاحتياجات الخاصة. (1037) ذوي الإعاقة (528) ذوي الهمم (58) ريادة الأعمال (396) سياسات الدمج (1057) شركاء لتوظيفهم (386) قمة الدوحة 2025 (649) كود البناء (449) لغة الإشارة (72) مؤتمر الأمم المتحدة (342) مجتمع شامل (1064) مدرب لغة الإشارة (640) مصر (84) منظمة الصحة العالمية (663)