Skip to content

ناصر الموسى..كفيف سعودي رفضته المدرسة فعاد بالدكتوراه من أمريكا

ناصر الموسى..كفيف سعودي رفضته المدرسة فعاد بالدكتوراه من أمريكا

السعودية – جسور – شيماء اليوسف

في إحدى زوايا قرية “الروضة”  بجنوب المملكة العربية السعودية، وُلد ناصر بن علي الموسى، في دار صغيرة، تجاور مزرعة عائلته “سمحة”، ولم يكن أحد يتخيل أن هذا الطفل الصغير صاحب اليدين الرقيقتين، الذي فقد بصره في سنوات عمره الأولى، سيكون يومًا ما قامة علمية مرموقة، واسم كبير ينير دروب ذوي الإعاقة، وتكتب بفضله سطور التغيير في سجل التعليم والتربية الخاصة.

حين تسلل المرض إلى نور عيني ناصر، وهو بعدُ طفل، وتعيش عائلته غارقة في قلقٍ لا يُحتمل، من أن يصبح مصيره مجهولا،  في مجتمع لا يعرف كيف يتعامل مع فاقدي البصر..

لم يكن ناصر الصغير طفلًا عادياً، بل كان مختلفًا، ذكيًا، يملأ عينيه المغلقتين بحلمٍ لا يعرف التراجع ولا يقبل التفريط فيه.

وفي صباح أول يوم دراسي، وهو في السادسة من عمره، قرر أن يطرق باب المدرسة الحكومية في القرية، مثل جميع الأطفال من نفس عمره، كل ما كان يتمناه هو أن ينال حقه بالتعليم. لكنّ صدمة الرفض كانت أقسى من الظلام ذاته،ذ المدير رفض قبوله بالمدرسة بحجة أنه “كفيف”، لكنه ظل متمسكاً بحلمه.

غادر المدرسة مكسورًا، عاد إلى الدار  الصغيرة التي اشتراها له والده، ليقيم فيها، وقت الحاجة، وهناك، وسط الجدران الطينية، قرر ناصر أن تكون تلك هى البداية.

هذا الرفض لن يكون نهاية الطريق

ولأن الأمل لا ينكسر في القلوب النقيّة، جاء الفرج حين انتقلت إحدى شقيقاته إلى الرياض، حيث يقع “معهد النور” لفاقدي البصر، كانت تلك النقلة الحاسمة التي حملت ناصر من حرمان قريته إلى أبواب العلم.

من “شارع الأعشى” في الرياض حيث يقع المعهد، بدأ مشواره الذي لم يتوقف حتى أوصلته قدماه — وعزيمته الحديدية — إلى جامعة “سان فرانسيسكو” في الولايات المتحدة الأمريكية، ليكمل دراساته العليا هناك، ويحصل على الماجستير والدكتوراه، في مجال التربية الخاصة.

في تلك المدينة البعيدة، وبين ردهات الجامعات الأمريكية، لم يكن ناصر مجرد طالب مبتعث؛ شق طريقه بارادته، وعمل على تحقيق حلمه وذاته بكل جد، بل كان أيضاً صوتًا لكل طفل كفيف، وظلا لكل من حُرم من حقه في التعليم، بسبب اختلافه.

عاد موسى، إلى الوطن بشهادةٍ عليا، لكن قبل كل شيء، عاد بالإجابة، فقد اختار أن يكون “منارة” لذوي الإعاقة في السعودية، فأسهم في وضع خطط تعليمية شاملة، وشارك في رسم سياسات دمج ذوي الإعاقة في المدارس والمجتمع عموما، وشغل مناصب أكاديمية ووطنية، جعلت منه مرجعًا في قضايا الإعاقة البصرية.

لم يُعرف عن الدكتور ناصر الموسى، إلا الامتنان. كان دائم الذكر لله، عز وجل الذي من عليه بنعمة البصيرة، ووفياً لوطنه، كان يرى بقلبه، ويفكر بعقله، ويقود برؤيته الواضحة لمجتمع أكثر شمولًا وإنسانية.

يقف اليوم هذا الرجل العصامي، شاهدًا على أن فقدان البصر لا يعني نهاية الحياة، بل ربما يكون بدايتها الحقيقية. فقد علّمنا ناصر الموسى أن الإعاقة الحقيقية ليست في الجسد، بل في الإرادة، وأنّ من يرى الطريق بقلبه لا يُضلّ، ومن يؤمن بنفسه يستطيع أن يغير مجتمعه بأكمله.

المقالة السابقة
موريتانيا تطلق برنامجًا لتدريب المعلّمين على دعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
المقالة التالية
امرأة أوغندية ترعى 98 طفلًا من ذوي الإعاقة في “منزل الأمل”