Skip to content

امرأة أوغندية ترعى 98 طفلًا من ذوي الإعاقة في “منزل الأمل”

امرأة أوغندية ترعى 98 طفلًا من ذوي الإعاقة في “منزل الأمل”

أوغندا – جسور – فاطمة الزهراء بدوي

تدير إيديث لوكابوي، منزلًا صغيرًا، في قلب مدينة،  جينجا، شرقي أوغندا، أصبح ملجأً لـ 98 طفلًا وطفلة، من ذوي الإعاقة، جميعهم تخلت عنهم أسرهم.

في فناء تتوسطه بركة من الطين الجاف، خلفها ماء المطر،  يزحف طفل مصاب بالشلل الدماغي، نحو قاعة العلاج الطبيعي، قبل أن تلتقطه إيديث بحنان، وتضحك معه.

رغم أن أطفال “منزل الأمل” يمرحون ويلعبون، إلا أن لكل واحد منهم قصة ألم، بعضهم عُثر عليه أمام بوابات المستشفيات، وآخرون تُركوا في الحقول أو فُقد آباؤهم تمامًا، في مجتمع ترى فيه قطاعات واسعة أن الإعاقة لعنة، تعاني الأسر من نبذ اجتماعي حاد، يدفعها أحيانًا لحبس هؤلاء الأطفال أو التخلي عنهم.

أكثر من ستة ملايين شخص، يعيشون بإعاقات في أوغندا، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، وثلث الأسر المتأثرة تعاني من الفقر. فقط 1% من ميزانية الصحة مخصصة لدعم هذه الفئة، لتتجسد المأساة، بوجود  آلاف الأسر دون رعاية.

تقول إيديث: “لا ينبغي أن ترتبط الإعاقة بالخجل أو العار. يجب أن يتعلم الناس كيف يتعاملون مع الأمر بكرامة، ليعلموا مجتمعاتهم بدورهم”.

بدأت قصة “منزل الأمل” بولادة ابنها ديريك عام 2000. أُصيب بمضاعفات في الحبل الشوكي بعد إصابته بالتهاب سحائي، وهو رضيع. عانى من تشنجات وفقدان للنطق والحركة، وواجهت عائلته وصمًا اجتماعيًا قاسيًا. بعد محاولات علاج تقليدية مؤلمة، شجعها زوجان من الكنيسة على العودة للمستشفى، حيث تم تشخيص حالته بالشلل الدماغي.

في عيادة عامة، شاهدت إيديث أطفالًا يعانون من سوء التغذية، فبدأت في مساعدة أمهاتهم بتنظيف أظافر الأطفال أو هرس طعامهم. وسرعان ما أصبحت تزور الأسر أسبوعيًا، لتكتشف أن بعض الأطفال يُحبسون داخل منازلهم طوال النهار. “وقتها قررت أنني لن أقف مكتوفة اليدين”، تقول.

عرضت عليها إحدى الجمعيات العمل في تقديم الدعم للأسر، لكنها لم تتمكن من الاستمرار في وظيفة بلا أجر. وبعد تعرضها لحادث سيارة تسبب في كسر بالعمود الفقري، قضت عامًا في مستشفى جينجا. تعهدت أثناء فترة العلاج أنها ستكرس حياتها لخدمة الأطفال.

بعد تعافيها، بدأت تستقبل الأطفال في شرفة منزلها المستأجر، ومع الوقت، أصبحت ترعى ستة أطفال، ثم ازداد العدد. في عام 2007، سجلت نشاطها رسميًا. وبفضل دعم خارجي، انتقلوا عام 2013 إلى مقر واسع يضم ثلاثة مبانٍ وغرف علاج وسكن. توفي ديريك عام 2014 بعمر 14 عامًا، لكن ذكراه لا تزال تدفعها للاستمرار.

أسست مؤخرًا مستشفى داخل المجمع، يقدم خدمات للأطفال والمجتمع المحلي. كما أنشأت وحدة سكنية للمراهقين الذين تجاوزوا سن البقاء في دار الأيتام. يدير زوجها قسم الصيانة، ويعمل ابنها الأكبر مديرًا للعمليات، فيما يعمل الآخر ممرضًا.

إلى جانب ذلك، يقود “بيتر أوسير”، منسق البرامج، حملات توعية في القرى المجاورة، بالتعاون مع ممرّضين واختصاصيي علاج طبيعي. أحد أبرز الحالات التي قابلها كانت “روث”، وهي أم لفتاتين مصابتين بالشلل الدماغي، تعيش في قرية للعمال الزراعيين. تعرضت ابنتها الكبرى للاغتصاب من جارهم، وبعد محاولات لتسوية القضية عشائريًا، فر المتهم. بينما تهدد الشرطة الأم بالاعتقال إن استمرت بالمطالبة بالعدالة.

يواجه الفريق تحديات في كل زاوية، من فساد أجهزة الشرطة إلى صعوبة الحصول على خدمات قانونية مجانية. رغم ذلك، ترى إيديث تقدمًا واضحًا. تقول: “الناس باتوا يخرجون أطفالهم للنور.. أصبحوا يذهبون بهم إلى العيادات.. لم نعد نرى أطفالًا متروكين على أبوابنا”.

في غرفة العلاج، تُطعم إيديث طفلًا صغيرًا مصابًا بالشلل الدماغي، تمسح فمه بقطعة قماش ناعمة، كما اعتادت مع ديريك. بابتسامة حنونة، تقول: “هؤلاء الأطفال بشر.. يستحقوا، أن يحصلوا على الرعاية والحب وأن يعيشوا بسعادة”.

المقالة السابقة
ناصر الموسى..كفيف سعودي رفضته المدرسة فعاد بالدكتوراه من أمريكا
المقالة التالية
يوم الأب بمؤسسة زايد.. مظاهرة حب بين الآباء وأبنائهم من ذوي الإعاقة