لم يكن تطوير هذا المنتج مهمة سهلة، كما تؤكد المهندسة الطبية الحيوية شروثي بابو، التي تقف وراء هذا الابتكار. فتحويل الكرسي المتحرك التقليد الذى يسير بدفع يد المستخدم، إلي كرسي يعمل بأحدث التكنولوجيات لهو أمراً يتطلب الكثير من الوقت والصبر والجهد البدني والذهني.
في مدينة تشيناي الهندية، تمثل الحياة اليومية تحديًا كبيرًا للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة، إذ تتطلب أبسط المهام أو التنقلات وجود شخص آخر للمساعدة. لكن بالنسبة إلى شروثي بابو، المهندسة الطبية الشابة، لم تكن الحاجة وحدها دافعها للابتكار، بل كانت التعاطف هو ما جعلها تعيد تصميم الكرسي المتحرك التقليدي بلمسة تكنولوجية حديثة.
وبحسب موقع indianexpress الهندي، فالمعاناة التي طالما شاهدتها في أجنحة المستشفيات دفعتها، بالإضافة إلى حالة والدها الراحل، إلى قضاء خمس سنوات في تطوير كرسي «سهاياتا» وهو ابتكار ثوري مزود بنظام تنظيف ذاتي مدمج يهدف إلى تمكين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة.
تبلغ شروثي من العمر ثلاثين عامًا، وهي مهندسة طبية حيوية كرّست جهدها لتسخير التكنولوجيا في معالجة القضايا الاجتماعية.
بدأت رحلتها نحو ابتكار الكرسي المتحرك «سهاياتا» عام 2018 بعد اختيارها ضمن برنامج Sparsh Fellowship ، التابع لمجلس دعم أبحاث الصناعات الحيوية في الهندBIRAC. . وخلال الأشهر الستة الأولى من البرنامج، أمضت وقتها في المستشفيات تراقب وتتحاور مع المرضى ومقدمي الرعاية لاكتشاف المشكلات الطبية والاجتماعية التي يمكن معالجتها بالابتكار. فلا أفضل من دراسة المستخدمين أنفسهم ومتطلباتهم للوصول إلى أفضل النتائج.
تقول شروثي: «خلال تلك الفترة، رأيت كيف يعتمد الأشخاص محدودو الحركة على غيرهم حتى في أبسط احتياجاتهم الصحية، وهو ما أثر فيّ بشدة.»
وكشفت أبحاثها اللاحقة أن نحو 30 مليون شخص في الهند ، من ذوي الإعاقة وكبار السن ، يواجهون مشكلات مشابهة. وتضيف: «رغم وجود كراسٍ متحركة مزودة بمراحيض، إلا أنه لم يكن هناك كرسي مزود بآلية تنظيف تلقائي بعد الاستخدام. عندها قرر والدي الراحل، وهو مهندس ميكانيكي، وأنا، العمل على تحقيق هذه الفكرة.»
صمّما معًا كرسي «سهاياتا»، وهو كرسي متحرك مدمج بنظام تنظيف ذاتي. يبدو من الوهلة الأولي كأي كرسي متحرك عادي، لكن بلمسة زر، يتم تشغيل رذاذ ماء لطيف للتنظيف بعد الاستخدام، باستخدام خزان مدمج بسعة ثلاثة لترات، فيما تُجمع الفضلات في صندوق قابل للفصل والتنظيف بسهولة من الخلف. كما يصدر الكرسي تنبيهات عند انخفاض منسوب الماء أو البطارية.
يأتي الكرسي في إصدارين: أحدهما بظهر يمكن إمالته ليصبح سريرًا، والآخر ثابت، ويبلغ سعر النموذج الأول 30 ألف روبية والثاني 40 ألف روبية، وكلاهما قابل للطي والنقل بسهولة في المنازل أو المستشفيات أو حتى أثناء السفر.
وتوضح شروثي أن تطوير المنتج لم يكن سهلاً: «بدأت أنا ووالدي العمل على المشروع خلال فترة الزمالة، وأطلقنا شركتنا Dhanvantri Biomedical Private Limited عام 2019. وضعنا راحة المريض نصب أعيننا، ومررنا بأكثر من 118 تصميمًا، واختبرنا كل نموذج في المستشفيات لإجراء التجارب الإلزامية والحصول على الشهادات. وأخيرًا أطلقنا المنتج عام 2023»
اليوم، حصلت كراسي سهاياتا، على براءة اختراع داخل الهند، مع حماية كاملة للتصميم والعلامة التجارية. كما تم تقديم طلب بموجب معاهدة التعاون بشأن البراءات PCT في أكثر من 140 دولة، وتنتظر الشركة حاليًا الموافقة على براءة الاختراع في الولايات المتحدة.
منذ إطلاقها، باعت الشركة أكثر من 400 وحدة، ولفت الابتكار انتباهًا وطنيًا واسعًا، إذ شاركت شروثي في برنامج Shark Tank India الموسم الثاني، وحصلت على صفقة تمويل جماعية من خمسة مستثمرين بلغت قيمتها مليون روبية مقابل 10% من أسهم الشركة.
كما فازت مؤخرًا بجائزة CavinKare–MMA ChinniKrishnan للابتكار تقديرًا لاختراعها المتميز.
تختتم شروثي حديثها قائلة: «بالنسبة لي، فإن كراسي سهاياتا ليست مجرد منتج، إنها وعدٌ بالكرامة لكل شخص يتطلع إلى حياة مستقلة»
ويعتبر هذا الاختراع خطوة جديدة ضمن العديد من الخطوات نحو تمكين ذوي الإعاقة وتعزيز جودة حياتهم. إذ تسهم الكراسي المتحركة الحديثة في تحقيق قدر أكبر من الاستقلالية والتنقل الآمن داخل المنازل وفي الأماكن العامة. خاصة عندما تتميز بخفة الوزن وسهولة الاستخدام. وربما هذه من اكبر الفوائد التي تثمرها التكنولوجيا الحديثة حسث ساهمت فى تعزيز الدمج المجتمعي وتحقيق العدالة في فرص الحركة والتنقل.