السعودية- جسور- شيماء اليوسف
من أعماق مدينة القطيف، شرق السعودية، تكتب زهراء علي الصفّار، ذات الثمانية والثلاثين عامًا، حكاية ملهمة، تتجاوز حدود البصر، لتنسج بالإرادة قصة فتاة، لم تُوقفها الإعاقة البصرية عن ملامسة الجمال، بإنتاج قطع غاية في الإبداع والإتقان.
زهراء خريجة مدارس الدمج الكلي، لم تستسلم زهراء يومًا لفكرة أن فقدان البصر نهاية الهالم، ففي عام 2020، تغيّر مسار حياتها فعليا، حين سمعت عن فن المكرمية، فن العقَد اليدوية من إحدى صديقاتها، وقررت أن تخوض التجربة. التحقت بدورة تدريبية، للتعلم بطريقة حسية، حتى أتقنتها.
كانت أولى قطعها عبارة عن ميداليات مفاتيح، ومع الوقت، بدأت تنتج المزيد، تعتمد في اختيار الألوان على مساعدة مدربتها، وفي التصاميم على حاسة اللمس والخيال “كل عقدة”، كما تقول، “هي لوحة لا تُرى بالعين، بل تُحس بالقلب”.
لم تكتفِ زهراء بالإنتاج، بل شاركت في معارض فنية، حيث فوجئ الحضور أن هذه القطع صنعتها فنانة كفيفة، تلقف الناس أعمالها بإعجاب، وسمعت كلمات تحفيزية كانت وقودًا للاستمرار، ومن هناك، توالت مشاركاتها، ومع كل قطعة تباع، يصبح العالم أكثر براحا أمام زهراء.
والدة زهراء وشقيقتها هبه، تساعدانها في إدارة حساباتها على مواقع التواصل الإجتماعي، وتتلقى الطلبات عبر المكالمات الهاتفية والواتساب.
في حديثها مع مجلة جسور، تقول : “أشعر كأنني أفرغ كل ما بداخلي من قلق وانفعال… العقد تصبح لغة بديلة، تترجم مشاعري دون أن اتكلم، المكرمية بالنسبة لي تأملٌ حيّ، ينسلني من صخب العالم ويعيدني إلى ذاتي، في سكون وطمأنينة”.
لم تتوقف زهراء عند حدود التجربة الشخصية؛ اليوم، هي فنانة مستقلة، ومدرّبة لفن المكرمية في جمعية “نقطة تحوّل” بمدينة الخبر، كما تُدرّب المكفوفات في جمعية “مضر الخيرية” بالقطيف، حيث تحوّل هذه المهارة إلى وسيلة تمكين وإلهام.
وحلمها أن تنقل هذا الفن لفتيات أخريات، ليجدن فيه، كما وجدت هي، نافذة نحو ضوء داخلي لا يخفت، مهما كانت العتمة.