Skip to content

اليوم الدولي للإعاقة السمعية.. فيلم “الطفلة الصامتة” عندما يصبح الفن رسالة

اليوم الدولي للإعاقة السمعية.. فيلم “الطفلة الصامتة” عندما يصبح الفن رسالة

بريطانيا – جسور- فاطمة الزهراء بدوي 

يُعد فيلم The Silent Child (الطفلة الصامتة)، الحائز على جائزة الأوسكار لعام 2018 لأفضل فيلم روائي قصير، علامة بارزة في السينما البريطانية، التي تدمج الفن بالقضايا المجتمعية، خاصةً فيما يتعلق بحقوق الأطفال ذوي الإعاقة السمعية.

يأتي الحديث عنه متجددًا بمناسبة اليوم الدولي للإعاقة السمعية، حيث يستعيد الجمهور والمهتمون بهذا العمل المؤثر الذي لا تزال رسائله حية بقوة.

الفيلم من تأليف راشيل شينتون وإخراج كريس أوفرتون، ويتناول قصة “ليبي”، طفلة بريطانية تبلغ من العمر أربع سنوات، ولدت صماء في عائلة لا تجيد لغة الإشارة، وتعيش في عزلة شبه تامة داخل بيت يعج بالحياة، لكنه يفتقر لفهم عالمها. تصل إلى حياتها أخصائية اجتماعية تُدعى “جوان”، تبدأ بتعليمها لغة الإشارة، فتبدأ ملامح الطفلة في التفتح شيئًا فشيئًا، وتزدهر قدرتها على التواصل، قبل أن تواجه قرارًا قاسيًا من والدتها بإيقاف الدروس وفرض الاعتماد على قراءة الشفاه.

اعتُبر أداء الطفلة “مايزي سلاي” في دور ليبي من أبرز عوامل نجاح الفيلم، إذ نجحت في تجسيد صمتٍ داخلي مشحون بالمشاعر، دون نطق كلمة واحدة، ما أضفى على الفيلم صدقًا وعمقًا لافتين. استطاعت أن تنقل التحول النفسي الدقيق من الخوف إلى الأمان، ومن العزلة إلى الفضول، ثم مجددًا إلى الألم، حين عادت للعزلة رغمًا عنها. ما يجعل هذا الأداء أكثر إدهاشًا هو أنها كانت في السادسة فقط عند التصوير، وهي نفسها من ذوي الإعاقة السمعية.

تتجاوز رسالة الفيلم الشاشة، إذ يسلط الضوء على واقع حقيقي: 90% من الأطفال الصم يولدون لأبوين سامعين، و78% منهم يُدرجون في مدارس عامة، دون توفير دعم لغوي كافٍ. يطرح الفيلم سؤالًا ملحًا عن حق هؤلاء الأطفال في لغة تمنحهم صوتًا وهوية، لا مجرد أدوات بصرية لفهم من حولهم. كما يدعو إلى تدريس لغة الإشارة في المدارس بوصفها لغة كاملة، وليست أداة طبية بديلة.

أشاد النقاد بصدق الرسالة وبقوة الأداء، لكن بعضهم رأى أن الفيلم يثقل كاهل الشكل القصير بالكثير من الحوار، على حساب السرد البصري. اعتبر البعض أن الفيلم كان ليبلغ مدى أبعد لو صيغ كسيناريو لفيلم طويل، نظرًا لغنى موضوعه وتشعباته النفسية والاجتماعية. رغم ذلك، لم يُنكر أحد أن الرسالة وصلت، وأن التأثير كان ملموسًا على المستويين الإعلامي والتعليمي.

ومن اللحظات التي لا تُنسى في تاريخ الفيلم، كانت لحظة تسلم راشيل شينتون جائزة الأوسكار، حين ألقت كلمتها بلغة الإشارة احترامًا لبطلتها الصغيرة، ما أثار إعجابًا عالميًا ولفت الأنظار إلى أهمية التمثيل الحقيقي للأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مراحل الإنتاج الفني.

اليوم، يُستخدم الفيلم في المدارس والمؤتمرات حول العالم كأداة تثقيفية، ويُذكر دومًا كنموذج مثالي لدمج الفن والحقوق الإنسانية. ويظل The Silent Child أكثر من فيلم؛ إنه صوت طفل كان العالم كله يغفل عن سماعه، فصرخ بالصمت، وأجبر الجميع على الإصغاء.

المقالة السابقة
مصر.. “القومي لذوي الإعاقة”يشيد بتعيين زينة توكل مديرًا لـصندوق”قادرون باختلاف”
المقالة التالية
رواية “عطر امرأة” الأصلية تكشف وجهًا أعمق للإعاقة والحب والخذلان