الصومال – جسور – فاطمة الزهراء بدوي- سماح ممدوح حسن
أقرت ولاية جنوب غرب الصومال، لأول قانون لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كخطوة تاريخية، باتجاه تعزيز مبادئ العدالة الاجتماعية والإدماج المجتمعي.
من مشاورات المجتمع إلى توقيع الرئاسة
في الرابع من فبراير 2025، وقع عبد العزيز حسن محمد، لفتاجرين، رئيس ولاية جنوب غرب الصومال، القانون الجديد، بعد أشهر من المشاورات المكثفة بين الحكومة المحلية ومنظمات المجتمع المدني، وبالأخص تلك التي تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة.
ووصفت”شامسو محمد يارو” وزيرة شؤون المرأة وحقوق الإنسان بالولاية، هذه اللحظة بـ”البداية الحقيقية نحو إقرار الحقوق الكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة”، لافتة إلى أن السنوات الطويلة من النزاعات المسلحة والانهيار المؤسسي جعلت هذه الفئة من أكثر الفئات تهميشًا في المجتمع الصومالي.
غياب الحماية، ونضال طويل من أجل الاعتراف
لسنوات، ظل الأشخاص ذوي الإعاقة في الصومال يعانون من غياب إطار قانوني يحمي حقوقهم ويضمن مشاركتهم في الحياة العامة.
وقد أكدت، لؤل علي أحمد، مديرة منظمة “صحة المرأة والإغاثة” في بيدوا، أن صدور هذا القانون هو ثمرة جهود متواصلة لنشطاء ومنظمات ظلت تناضل من أجل تحقيق الحد الأدنى من الحقوق لهذه الفئة المهمشة.
وتقول لؤل: “لطالما غابت السياسات والبرامج التي تراعي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة. وهذا القانون يمثل بداية عهد جديد، لكنه بحاجة إلى تطبيق فعلي وليس فقط حبرًا على ورق”.
أرقام صادمة، وواقع أكثر قسوة
وفقًا للبيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني الصومالي، يعيش نحو 8.3% من السكان مع شكل من أشكال الإعاقة، ترتفع النسبة في المناطق الريفية إلى 9.1%.. وتعتبر النساء والأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا، وهم الذين يعانون من “تمييز مزدوج” يجمع بين الإعاقة والتمييز القائم على النوع أو السن.
فتتعرض النساء ذوات الإعاقة لمعدلات مرتفعة من العنف القائم على النوع الاجتماعي، بينما يواجه الأطفال ذوو الإعاقة تحديات كبيرة في الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأساسية.
أصوات تطالب بالتغيير من قلب المخيمات
مدينة بيدوا، التي أصبحت مأوىً لعشرات الآلاف من النازحين داخليًا بسبب الصراعات والجفاف، تعد نموذجًا صارخًا لمعاناة ذوي الإعاقة.
يُقدر عدد النازحين في المدينة والمناطق المجاورة بما بين 500 ألف إلى 700 ألف شخص، من بينهم عدد كبير من ذوي الإعاقات الجسدية والنفسية.
مهدي الدين نور عبدي، أحد المتحدثين باسم الأشخاص ذوي الإعاقة في بيدوا، يرى في القانون الجديد “إنجازًا طال انتظاره”.
يقول “شاركنا كمجتمع في صياغة هذا القانون… نحن نعلم أنه مجرد خطوة أولى، لكننا نأمل أن يشكل نقطة تحول حقيقية في حياتنا”.
من النسيان إلى الاعتراف صوت النساء حاضِر
من داخل أحد مخيمات النزوح، تحكي كالتومو محمد، أم لخمسة أطفال ورئيسة لجنة النساء ذوات الإعاقة، وتقول:
“لسنوات، كنا وكأننا غير موجودين، الآن، وبعد إقرار هذا القانون، لدينا أمل، ولكننا نخشى أن يبقى حبراً على ورق. نريد تغييرات حقيقية تمس حياتنا اليومية”.
القانون وحده لا يكفي والتحديات مستمرة
رغم الحفاوة الكبيرة بإقرار القانون، إلا أن التحديات تبقى هائلة. فقد أشارت سلمة شعيب، مديرة منظمة “غرب ولاال”، إلى أن القانون يمثل خطوة مهمة نحو مكافحة التمييز وحماية الأشخاص ذوي الإعاقة من الأذى.
وأضافت”نحتاج إلى إرادة سياسية قوية، وتمويل كافٍ، ووعي مجتمعي واسع لضمان التنفيذ الفعلي للقانون”.
وما تزال البنية التحتية في مخيمات النزوح غير مهيأة لاستيعاب احتياجات ذوي الإعاقة، والعديد من النساء والفتيات ما زلن عرضة للعنف وسوء المعاملة.
يرى المتابعون أن إقرار قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ولاية جنوب غرب الصومال خطوة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، لكنه مجرد بداية لمسار طويل من العمل التشريعي والتنفيذي والمجتمعي.
إن تحويل هذا التشريع إلى واقع ملموس يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة، ومنظمات المجتمع المدني، والداعمين الدوليين، مع ضرورة الاستماع لأصوات ذوي الإعاقة أنفسهم في كل مرحلة من مراحل التنفيذ.