كوريا الجنوبية وتايلاند- جسور- فاطمة الزهراء بدوي
تشهد كوريا الجنوبية وتايلاند سباقًا تقنيًا نحو تعزيز الشمول الرقمي، مع إطلاق تطبيقات للهويات الرقمية، مصممة خصيصًا، لتسهيل وصول ذوي الإعاقة إلى الخدمات الحكومية والمالية.
هذا التحول يُعد خطوة رائدة في دمج الفئات المهمشة، في الاقتصاد الرقمي، عبر استخدام أحدث التقنيات مثل البلوكشين.
في كوريا الجنوبية، حصلت شركة Raonsecure على موافقة الهيئة الوطنية للطباعة وتأمين البطاقات (KOMSCO) لتطوير نظام وطني رقمي لهوية ذوي الإعاقة في إحدى دول جنوب شرق آسيا.
المشروع سيُنفذ عبر تطبيق على الهاتف المحمول مدعوم بتكنولوجيا البلوكشين، لضمان الشفافية وعدم قابلية التلاعب بالبيانات، سيمكن التطبيق المستخدمين من الوصول إلى خدمات الرعاية الاجتماعية سواء عبر الإنترنت أو بالحضور الشخصي، ما يمثل نقلة نوعية في طريقة تفاعلهم مع مؤسسات الدولة.
تعاني التقنيات التقليدية لتوثيق هويات ذوي الإعاقة من مخاطر التزوير، كما أنها لا توفر إمكانية الاستخدام عن بعد. ومن خلال هذا المشروع، تُبني Raonsecure على نجاحاتها السابقة في تطوير بطاقات الهوية الرقمية للسكان ورخص القيادة الرقمية. الرئيس التنفيذي للشركة، لي سون-هيونغ، وصف المشروع بأنه “نموذج مثالي لكيفية مساهمة الهوية الرقمية القائمة على البلوكشين في تحسين جودة حياة الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة”.
في الجهة الأخرى من القارة الآسيوية، تمضي تايلاند بخطى واسعة نحو إدماج ذوي الإعاقة في الاقتصاد من خلال حلول رقمية مبتكرة، وأطلقت الحكومة تطبيق “DepFund” الذي يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة التقديم على قروض بدون فوائد.
يمكن للأفراد اقتراض مبالغ تتراوح بين 60 ألف و120 ألف بات تايلاندي (ما يعادل 1,835 إلى 3,670 دولارًا أمريكيًا)، بينما يُسمح للتعاونيات بالحصول على قروض تصل إلى مليون بات (نحو 30,600 دولار).
منذ تدشين التطبيق، حصل أكثر من 300 ألف شخص في تايلاند على قروض، بإجمالي تمويلات تجاوزت 1.1 مليار بات (33.6 مليون دولار). ووفق الإحصاءات الرسمية، يعيش في البلاد نحو 2.2 مليون شخص مسجل بإعاقة، أي أكثر من 3% من السكان، ما يجعل التطبيق أداة مؤثرة في تحسين فرصهم الاقتصادية.
إلى جانب دعم ذوي الإعاقة، تواصل كوريا الجنوبية وتايلاند دفع حدود الرقمنة في مجتمعاتهما. فبينما أدخلت كوريا الجنوبية الهويات الرقمية القائمة على البلوكشين في قطاعات متعددة من اقتصادها منذ يناير، استخدمت تايلاند محافظ رقمية في توزيع حزم مالية بقيمة 14 مليار دولار، كما اختبرت العملات الرقمية كوسيلة دفع سياحية في جزيرة فوكيت.
في السياق نفسه، تخطط مالاوي لإطلاق نظام هوية رقمية وطني بحلول عام 2026، مع استهداف تسجيل مليوني مواطن.
المشروع يحظى بدعم البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ضمن خطة شاملة لتحسين البنية الرقمية في البلاد، ويُتوقع استخدام النظام الرقمي في عمليات التصويت، توزيع المساعدات، صرف رواتب القطاع العام، والتحقق من الهوية.
وفق البيانات الرسمية، يمتلك أكثر من 12 مليون مواطن في مالاوي بطاقة هوية وطنية، ما يعزز فرص الانتقال السلس إلى النظام الرقمي. ويشمل المشروع بناء مركز بيانات وطني ومنصة لتبادل البيانات، فضلًا عن توفير أجهزة إلكترونية وإنترنت منخفض التكلفة لـ500 مؤسسة حكومية.
يعكس هذا التحرك في آسيا وأفريقيا، سباقًا عالميًا نحو تطوير أنظمة الهوية الرقمية، فقد قطعت نيجيريا وزامبيا خطوات كبيرة، وتتحرك دول مثل جنوب إفريقيا، إثيوبيا، وناميبيا نحو التنفيذ. وتخطط جنوب إفريقيا لإصدار 2.5 مليون هوية رقمية هذا العام، استعدادًا لتغطية جميع المواطنين المؤهلين قبل انتخابات 2029.
في عالم يتزايد اعتماده على التكنولوجيا، تبرهن هذه المبادرات على أهمية الهوية الرقمية في تمكين الأفراد وتعزيز الشفافية والكفاءة في الخدمات العامة.