Skip to content

بول ويليامز.. نهاية غامضة بعد كفاح طويل ضد مرض فقر الدم المنجلي

بول ويليامز.. نهاية غامضة بعد كفاح طويل ضد مرض فقر الدم المنجلي

الولايات المتحدة – جسور- فاطمة الزهراء بدوي

في مثل هذا اليوم، 2 يوليو عام 1939، وُلد بول ويليامز Paul Williams في مدينة برمنغهام، ألاباما، وسط بيئة فقيرة، وظروف معيشية قاسية، لكنه امتلك منذ صغره شغفًا بالغناء، وحلمًا بالشهرة.

بدأ مشواره الفني في سن مبكرة، حين التقى زميله إيدي كيندريكس في المدرسة، حيث بدأت صداقتهما بمشاجرة عابرة، وانتهت بشراكة موسيقية امتدت لسنوات، كانت الخطوة الأولى في طريق المجد، عبر جوقة الكنيسة، قبل أن يؤسسا معًا فرقة غنائية، حملت اسم “ذا كافالييرز”، ثم أصبحت “ذا برايمز” بعد انتقالهم إلى كليفلاند.

لاحقًا، استقر بول في مدينة ديترويت، عاصمة الموسيقى الأمريكية آنذاك، حيث التحق بشركة “موتاون” الأسطورية، وشارك في تأسيس واحدة من أنجح الفرق في تاريخ موسيقى السول: “ذا تمبتيشنز”. ضمت الفرقة خمسة فنانين من أصول أفريقية، وسرعان ما صعد نجمها في سماء الفن الأمريكي، رغم إخفاقات أولى امتدت لعدة سنوات. الانفراجة الحقيقية جاءت عام 1964 بأغنية “The Way You Do the Things You Do”، والتي وضعت اسم الفرقة في صدارة قوائم بيلبورد.

في قلب هذا النجاح، بات ويليامز واحدًا من الأعمدة الفنية للفرقة. امتاز بصوته العاطفي، وأدائه المسرحي اللافت، وكان صاحب الأداء الرئيسي في عدد من أشهر أغاني الفريق مثل “Don’t Look Back” و”No More Water in the Well”. بجانب الغناء، عُرف بول بأنه أفضل راقص في الفرقة، كما قام بتصميم رقصات أعضاء “ذا تمبتيشنز” وفرق أخرى مثل “ذا سوبريمز”، وهو ما أضفى لمسة بصرية مميزة على حفلاتهم.

لكن خلف البريق، ظل يُصارع وحشًا صامتًا اسمه “فقر الدم المنجلي”، وهو مرض وراثي مؤلم يؤثر على كريات الدم الحمراء، تسبب المرض في تدهور صحته تدريجيًا، لدرجة أنه كان يغني أحيانًا من خلف الستار بينما يؤدي شخص آخر مكانه على المسرح، زادت معاناته مع دخوله في علاقة عاطفية مع مصففة شعر، وما تبعها من أزمات أسرية، ثم فشل مشروع تجاري مشترك، لتتراكم عليه ديون ضريبية فاقت 80 ألف دولار.

بدأ ينسحب من الأضواء شيئًا فشيئًا، وأصبح أكثر اعتمادًا على الكحول كمهرب من الألم الجسدي والنفسي. حاول زملاؤه مساعدته، لكن حالته تدهورت، وأقنعوه أخيرًا بزيارة طبيب عام 1971، ليكتشف وجود بقعة على الكبد، الأمر الذي أجبره على التقاعد من الغناء. ومع ذلك، لم يتخلَّ الفريق عنه، واحتفظوا به كمصمم للرقصات والمستشار الفني حتى آخر أيامه.

رغم انسحابه التدريجي، لم يُطفأ شغفه بالموسيقى، بدأ العمل على ألبوم منفرد بإنتاج صديقه القديم إيدي كيندريكس، وسجل أغنيتين كان يُفترض أن تطرحا في الأسواق، لكن “موتاون” قررت فجأة تجميد المشروع، ما زاد من عزلته وألمه.

في 17 أغسطس 1973، عُثر على جثته في موقف سيارات مهجور بالقرب من استوديوهات “موتاون”، بعد إصابته بطلق ناري في الرأس، رغم تسجيل الحادث كـ”انتحار”، ظلّت أسرته تشكك في تلك الرواية، خاصة في ظل ملابسات غامضة لم تُفسر حتى اليوم.

ترك بول خلفه زوجته ماري وستة أبناء، وبعد وفاته، نال التكريم الذي طالما استحقه، فدخل قاعة مشاهير الروك عام 1989، ثم قاعة مشاهير الغناء الجماعي عام 1999، وأُصدرت أغانيه الفردية لاحقًا في ألبومات خاصة بتاريخ “ذا تمبتيشنز”.

حكايته ليست فقط عن نجم سطع ثم خبا، ولكن عن فنان قاتل مرضًا عضالًا، وصمد أمام خذلان الأصدقاء والصناعة، وترك إرثًا موسيقيًا خالدًا رغم أن جسده لم يصمد أكثر من 34 عامًا.

المقالة السابقة
دراسة تكشف تحيز “الذكاء الاصطناعي” ضد النساء وذوي الإعاقة
المقالة التالية
فيلم وثائقي يفضح الوضع الكارثي لذوي الإعاقة بغزة.. يتعرضون للإبادة