Skip to content

فيلم وثائقي يفضح الوضع الكارثي لذوي الإعاقة بغزة.. يتعرضون للإبادة

فيلم وثائقي يفضح الوضع الكارثي لذوي الإعاقة بغزة.. يتعرضون للإبادة

غزة – جسور- فاطمة الزهراء بدوي 

نشرت صحيفة The New Arab اليوم الأربعاء، تقريرًا مطولًا عن الوضع الكارثي لذوي الإعاقة في قطاع غزة، الذين يعانون من تداعيات الحرب الإسرائيلية، وسط انهيار شبه تام للخدمات الطبية، وغياب ممرات آمنة، ونقص حاد في الأجهزة المساعدة، في وقت يعيش فيه القطاع حالة إنسانية غير مسبوقة.

الوثائقي القصير Voice Notes from Palestine، الذي عُرض في المملكة المتحدة، سلط الضوء على شهادات لطلاب من ذوي الإعاقة بجامعة غزة الإسلامية، تداخلت فيها مشاعر الخوف مع انعدام القدرة على النجاة. 

شيرين سلّامة، خريجة كفيفة تبلغ من العمر 38 عامًا، قالت إن أسوأ مخاوفها أثناء النزوح كانت أن تفقد يد والدتها وسط الجموع. أما عبد الرحمن الغرباوي، المصاب بشلل دماغي، فبقي محاصرًا مع أسرته لقرابة أسبوعين دون طعام كافٍ أو فراش، حتى تم تهريبه على الأكتاف بعد دمار منزله وفقدان كرسيه المتحرك.

قبل الحرب، كان عدد ذوي الإعاقة في القطاع يتجاوز 58 ألفًا. منظمة الصحة العالمية أعلنت أن 22,500 إصابة جديدة بإعاقات دائمة وقعت منذ أكتوبر 2023، منها حالات بتر وإصابات في العمود الفقري والحروق البالغة. ومع دمار 94% من المستشفيات، باتت حياة ذوي الإعاقة مهددة على نحو مضاعف، إذ لا يمكنهم الهرب أو تلقي العلاج أو حتى الحصول على الحد الأدنى من الرعاية.

الدكتورة إيتاب شعيب، مديرة مركز دراسات الإعاقة في الجامعة اللبنانية، وأحد المشاركين في إنتاج الفيلم، قالت إن المجتمع الدولي فشل في تنفيذ المواد 11 و25 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تلزم بتوفير الحماية والرعاية الطبية في حالات النزاع. وأكدت أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم الأكثر هشاشة في الأزمات، ومع ذلك يتم تجاهلهم بالكامل في خطط الطوارئ والإغاثة.

يزداد الوضع تعقيدًا مع استمرار الحصار، ومنع إدخال المعدات والأدوية. أشار تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن 20% من كوادر العلاج الطبيعي في غزة قُتلوا، بينما تُركت آلاف الطلبات للحصول على كراسٍ متحركة وعكاكيز وأجهزة سمعية دون استجابة. منظمة أطباء بلا حدود لجأت إلى نجارين لصناعة العكاكيز، وخياطين لتجهيز ضمادات من أقمشة بسيطة لتعويض النقص في المواد الطبية.

أما الأطفال، فهم الضحية الأكبر. نحو 10,000 طفل يعانون من فقدان السمع، نصفهم نتيجة القصف. جمعية “أطفالنا للصم” ذكرت أن 95% من ذوي الإعاقة لا يتلقون أي رعاية طبية، و83% فقدوا أدواتهم المساعدة. كما تعرّضت مدارسهم ومراكزهم للقصف، مما عمّق عزلتهم.

فقد الطلاب فرصهم في التعليم. الجامعة الإسلامية، التي كانت تقدم خدمات دمج متقدمة، دُمرت بالكامل. الطالب عماد قدّيح، كفيف يبلغ 22 عامًا، كان يستخدم برامج ناطقة وأجهزة برايل، لكنه فقدها تحت أنقاض بيته، ويعيش الآن في خيمة مكتظة دون إنترنت أو كهرباء، ويعتمد كليًا على أسرته.

شيرين سلّامة لم تعد تملك عصاها البيضاء ولا نظارتها. تقول إن الشوارع المدمرة، والرسائل غير المسموعة للتحذير، تجعل التنقّل مستحيلًا. أمنيتها الوحيدة اليوم هي وجبة كاملة، أو حمام دافئ. بينما يحلم عبد الرحمن بمواصلة دراسته في الخارج، بعدما تنقّل بين أكثر من تسعة أماكن بسبب التهجير.

المخرجة أمل العقروبي، التي تعاونت مع جامعة برمنغهام وشبكة Disabilities Under Siege، قالت إن الفيلم تم إنتاجه تحت القصف والانقطاع المستمر، وأُهدي إلى الطالبة آية التي قُتلت خلال العمل على المشروع.

الدمار طال كل شيء. مستشفى الأطراف الصناعية قُصف، ومراكز التأهيل اختفت، والمرضى المصابون بحروق أو إعاقات مركبة لا يجدون أبسط أدوات الشفاء. آلاف المرضى يفقدون حياتهم بسبب عدم توفر الجراحات أو الأدوية الأساسية. هذه الأوضاع لا يمكن تصنيفها إلا كجريمة ممنهجة ضد أكثر الفئات ضعفًا.

ما وثقته الصحيفة لا يترك مجالًا للحياد: غزة تتحول إلى ساحة موت مفتوح لذوي الإعاقة، بلا حماية، ولا رعاية، ولا أمل.

المقالة السابقة
بول ويليامز.. نهاية غامضة بعد كفاح طويل ضد مرض فقر الدم المنجلي
المقالة التالية
توقيع مذكرة تعاون بين المركز العلمي و جمعية ذوي الإعاقة بالكويت