Skip to content

نحقق عدالة.. مبادرة “ذات الرداء الأخضر” لدمج الفتيات ذوي الإعاقة بدمياط

نحقق عدالة.. مبادرة “ذات الرداء الأخضر” لدمج الفتيات ذوي الإعاقة بدمياط

مصر- جسور- فاطمة الزهراء بدوي 

في واحدة من الورش الصغيرة، التابعة لوحدة تكافؤ الفرص، بمدينة دمياط المصرية، وُلدت فكرة كانت أقرب إلى الحلم.. أن تحصل الفتاة من ذوي الإعاقة على مساحة حرة وآمنة، لتلقي الرعاية، لتصنع حياة تستحقها.

“ذات الرداء الأخضر” هم اسم مبادرة اجتماعية، ومشروع متكامل، تقوده معلمة تربية خاصة، قررت أن تكسر قاعدة بقاء الفتيات في البيوتن لمجرد أنهن مختلفات.

أميرة خلف، صاحبة الفكرة، تعمل في مجال التربية الخاصة منذ أكثر من 17 عامًا. خلال هذه السنوات، لم تكتفِ بمساعدة الأطفال أكاديميًا، حيث ظلت تراقب بصمت تحولات الأهل، خاصةً الأمهات. في البداية يكون الأمل مشتعلاً، ثم شيئًا فشيئًا يتحول إلى قلق، ثم إلى خوف مزمن، وخصوصًا مع البلوغ، حين تصبح أجساد الفتيات محط أنظار مجتمع لا يرحم.

تقول أميرة: “في كثير من الحالات، كانت العائلات تلجأ إلى العزلة، وتُحبس البنت داخل جدران البيت، وكأنها جريمة أن تكبر وتختلف”.

من هنا بدأت الفكرة تتشكل، توضح أميرة إن المشروع جاء كرد فعل إنساني قبل أن يكون مبادرة منظمة “ذات الرداء الأخضر” يقدم تدريبًا مهنيًا، ويشمل دعمًا نفسيًا واجتماعيًا للفتيات من ذوي الإعاقة، كما يعيد تعريف دورهن داخل المجتمع “الفكرة أن نخلق لهن مساحة تشبههن، بدلًا من أن نُجبرهن على الاندماج في عالم لا يفهمهن”.

تعتمد الورش التدريبية التي تُقام ضمن أنشطة وحدة تكافؤ الفرص، على استخدام خامات صديقة للبيئة، وإعادة التدوير، كجزء من رؤية أوسع للربط بين التمكين الشخصي والوعي البيئي، الفتيات يكتسبن مهارات حرفية، ويُشجعن على إطلاق مشروعات صغيرة تحمل أسماءهن، لتصبح كل واحدة منهن قادرة على خلق مصدر دخل خاص بها.

يحظى المشروع بدعم حقيقي من المسؤولين المحليين، وعلى رأسهم المحافظ الدكتور أيمن الشهابي، والمهندسة شيماء الصديق، كما تقول أميرة، التي تعمل بشكل تطوعي كامل، دون مقابل مادي. “أنا أؤمن أن لكل فتاة، مهما كانت ظروفها، الحق الكامل في أن يكون لها دور، لا بوصفها عالة أو عبئًا، ولكن باعتبارها إنسانة فاعلة، قادرة على الإنتاج والمشاركة”.

وقد أثمر هذا الإيمان عن نتائج واضحة؛ فقد حصل المشروع على المركز الثالث في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية فئة “المرأة وتغير المناخ”، ونال أيضًا المركز الأول على مستوى دمياط في مشروعات ريادة الأعمال المجتمعية. مضيفة: “الجوائز كانت لحظات فخر، لكنها ليست الهدف.. الهدف الحقيقي هو نظرة الرضا في عيون البنات، وأصواتهن حين يقدمن منتج بإيديهن ويجدن تقدير حقيقي من المجتمع”.

تأثير مشروع ذات الرداء الأخضر لا يقف عند حدود الورشة، حيث يشارك بشكل دائم في المعارض والفعاليات التي تُقام في المحافظة، بهدف دمج الفتيات في الحياة العامة، وإتاحة فرص تسويق فعلية لمنتجاتهن “كل منتج يتم بيعه يدر ربح بالتأكيد ويزيد من ثقتهن بأنفسهن وتغيير نظرة المجتمع”.

أحلام “ذات الرداء الأخضر” لا تتوقف هنا. تطمح أميرة إلى تأسيس مركز دائم للتأهيل والتمكين، يمكن تعميمه على باقي المحافظات، ويُدار بشراكة حقيقية مع الفتيات أنفسهن، ليصبحن جزءًا من القرار والإنتاج والتخطيط، لا مجرد متلقيات للمساعدة. مشيرة إلى أن تخصيص الدولة عامًا لذوي الهمم كان خطوة مهمة في تحسين نظرة المجتمع؛ لكن الطريق لا يزال طويلًا.

في النهاية، تعبر بكلمات صادقة تحمل تصميمًا واضحًا: “كل فتاة تستحق فرصة عادلة.. ونحن لا نصنع معروف؛ نحن نحقق عدالة بسيطة تأخرت كثيراً.. ونحتاج مشاركة الناس ودعمهم، والتغيير يبدأ من فعل صغير جداً”

المقالة السابقة
مصابة بمرض نادر.. الناشطة الأمريكية “لاتويا” تواجه شبح الاعتقال
المقالة التالية
الحكم بسجن أسترالية استولت على أموال مصابين بالتوحد والشلل الدماغي