بريطانيا – جسور- سماح ممدوح حسن
حققت المهندسة البريطانية جاز تيرنر، البالغة من العمر 26 عامًا، والمصابة بمرض عضال، إنجاز بطولي غير مسبوق، بعدما أبحرت بمفردها حول جزر بريطانيا، لتصبح أول شخص من ذوي الإعاقة ينجز هذا التحدي لم تمضِ ثلاث ساعات على عودتها، حتى بدأت التخطيط لتحديها الخيري القادم، الذي لم تعلن عن تفاصيله بعد.
انطلقت تيرنر، التي تعيش في مدينة سيفورد بمقاطعة إيست ساسكس، من مرسى برايتون بالمملكة المتحدة، في الثاني من يونيو المنقضى، وهى على كرسي متحرك، لتبحر لمسافة 2070 ميلاً، أي ما يعادل 3331 كيلومترًا، على متن يختها الصغير”Fear” في رحلة استغرقت أربعة أسابيع، واجهت خلالها أمواجًا عاتية، وعواصف رعدية، ورياحًا شديدة.
وتقول تيرنر في حديث إلى إذاعة BBC ساسكس:”مررت بلحظات صرخت فيها على القارب من شدة الرياح، وكل ما تمنيت وقتها هو العودة إلى المرسى، لكن البحر غريب؛ كلما أوشكت على الاستسلام، يدفعني للاستمرار”
رغم الإعاقات الجسدية التي سبّبتها لها متلازمة “إهلرز- دانلوس”، وهي حالة وراثية نادرة تؤثر على النسيج الضام وتُضعف العضلات والمفاصل، لم تتوقف تيرنر عن التقدم، وقد تمكّنت من جمع أكثر من 52 ألف جنيه إسترليني لصالح جمعية “Sailability” التي تتيح لذوي الإعاقة فرصة ممارسة الإبحار.
تقول جاز إن اللحظة الأصعب في الرحلة لم تكن مواجهة العواصف، بل شيء أكثر إنسانية:”أسوأ ما في الرحلة كان افتقادي لكلبي المساعد فويبي.، كان الابتعاد عنها مؤلمًا للغاية.”
عند وصولها إلى برايتون يوم الاثنين، فوجئت تيرنر بحشد ضخم من المتابعين الذين جاؤوا لاستقبالها، رغم أنهم لا يعرفونها شخصيًا.
“اجتاحني شعورٌ طاغٍ عند الوصول، أعلم أن الناس كانوا يتابعون رحلتي، لكنك لا تشعر بذلك حقًا وأنت وحيد في عرض البحر، أندهشت لرؤية هذا العدد الكبير من الناس يهتفون لي.”
وكان من بين المستقبلين والدتها كارولين تيرنر، التي عانقتها بحرارة، وقالت:”نشعر بارتياح شديد لعودتها. أنا بحّارة أيضًا وأعلم ما الذي قد يواجهه المرء في البحر. لا توجد كلمات تصف مدى فخرنا بها.”
أما والدها، كريس تيرنر، الذي أجرى تعديلات خاصة على قاربها ليتناسب مع حالتها الصحية، فقال:”سعيد بأن التعديلات التي أجريتها صمدت في وجه كل تلك الظروف.”
جاز، التي واجهت العواصف وهي على بعد أكثر من 100 ميل من اليابسة، علقت على أحد أصعب المواقف:”لم أكن مرتاحة أثناء الرعد والبرق، فقد كنت على بعد نحو 100 ميل من الشاطئ، وكل ما فكرت فيه أنني أملك صاريًا معدنيًا طويلًا، وكنت في وسط البحر أعلى جسم يمكن أن يجذب الصاعقة”
وعن حادثة الجنوح التي تعرضت لها قبالة سواحل كينت، قالت:”لم تكن لحظة فخر، لكن الأخطاء تحدث، وما تفعله بعدها هو ما يحدد من أنت.”رغم كل التحديات، تؤكد تيرنر أن ما عاشته كان أيسر مما عايشه والداها:”ربما كان الأمر أسهل عليّ، لأنني كنت أتعامل مع تفاصيل كل يوم بيومه، بينما والداي لم يكونا يعلمان ما الذي يحدث. ما كنت لأنجح دون دعمهما الكامل وغير المشروط.”
جاز تيرنر ليست فقط بحّارة شجاعة، بل أصبحت رمزًا حقيقيًا للقدرة الإنسانية على التحدي، والإصرار، وتحقيق المعجزات رغم أقسى الظروف.