شبكة تلفزيون أمريكية تنتج مسلسلًا بوليسيًا بطلته مصابة بالتوحد

جسور- فاطمة الزهراء بدوي

أعلنت شبكة PBS الأميريكية عن إطلاق مسلسل درامي جديد يضع شخصية مصابة بالتوحد في محور القصة، حيث تتمحور الأحداث حول قدراتها الفريدة في تحليل الجرائم وحل الألغاز بطريقة غير تقليدية. المسلسل الجديد، الذي لم يُعلن بعد عن اسمه الرسمي، يُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في كيفية تقديم الشخصيات ذات الإعاقة  على الشاشة، لاسيما من خلال المزج بين الإثارة والتحقيقات البوليسية، وفهم أعمق للتوحد عبر سرد إنساني مُتقَن.

شخصية مختلفة.. ورؤية جديدة

تدور أحداث المسلسل حول شخصية محورية تُعاني من اضطراب طيف التوحد، ولكنها تمتلك مهارات تحليلية خارقة للتفاصيل الدقيقة، ما يجعلها شريكًا غير تقليدي في فرق التحقيق الجنائي.. وبحسب القائمين على العمل، فإن الشخصية لا تُقدَّم كمجرد “عبقري معزول” كما جرت العادة في بعض الإنتاجات السابقة، ولكن كشخصية معقدة ومليئة بالتحديات والإنجازات، تعكس التنوع الحقيقي داخل الطيف.

وأكد المنتج التنفيذي للمسلسل أن المشروع استغرق سنوات من البحث والتحضير، بالتعاون مع أطباء نفسيين وأخصائيين في التوحد، بالإضافة إلى أفراد من مجتمع التوحد أنفسهم، لضمان تقديم صورة دقيقة وغير نمطية. وأضاف: “أردنا أن نكسر الصورة النمطية التي ترسخت لعقود، ونقدم شخصية يشعر بها المشاهدون بأنها قريبة، بشرية، ولها صوت حقيقي”.

التوحد في الدراما: من التهميش إلى البطولة

لطالما عانى الأشخاص المصابون بالتوحد من تمثيل غير دقيق في وسائل الإعلام، إذ غالبًا ما يتم تصويرهم إما كعباقرة خارقين أو كأشخاص منعزلين تمامًا عن المجتمع.. لكن السنوات الأخيرة شهدت تحولات واضحة، مع تزايد الدعوات إلى تمثيل أكثر واقعية وشمولًا.. ويأتي هذا المسلسل كاستجابة لهذه المطالب، من حيث البناء الدرامي، وأيضًا من خلال إشراك ممثل مصاب بالتوحد في الدور الرئيسي، وهي خطوة حظيت بإشادة من مؤسسات الدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة.

حبكة بوليسية بنكهة  إنسانية

العمل لا يقتصر على تقديم التوحد كموضوع محوري، ولكن يدمجه في قالب بوليسي مثير.. فالشخصية الرئيسية، رغم صراعاتها الاجتماعية وتحديات التواصل، تُظهر قدرة خارقة على ملاحظة التفاصيل الغائبة عن المحققين التقليديين، ما يجعلها تتوصل إلى خيوط دقيقة تُغير مجرى التحقيقات.

وقد أشار كاتب السيناريو إلى أن الحلقات ستتناول، إلى جانب القضايا الجنائية، التحديات التي يواجهها الأفراد المصابون بالتوحد في الحياة اليومية، من صعوبات الاندماج والتوظيف، إلى العلاقات الأسرية والمجتمعية. وقال: “نحن لا نحاول أن نحول الشخصية إلى بطل خارق، ولكننا نُظهر التحديات والانتصارات معًا، ونكشف كيف يمكن لاختلافات التفكير أن تكون مصدر قوة حقيقية”.

جمهور جديد.. ورسالة عابرة للفئات

تستهدف السلسلة جمهورًا واسعًا من محبي دراما الجريمة والتحقيقات، ولكنها تسعى في الوقت ذاته إلى جذب العائلات، والمربين، والمهتمين بقضايا التوحد والدمج المجتمعي.. ومن المتوقع أن تثير حلقات العمل النقاش حول قضايا جوهرية مثل النظرة المجتمعية للتوحد، وأهمية تبني بيئة دامجة تُفسح المجال لكل فرد للتعبير عن إمكانياته.

موعد العرض وتوقعات المشاهدين

لم تُعلن PBS بعد عن موعد العرض الرسمي، لكن من المتوقع أن يبدأ بث الحلقات الأولى خلال الفترة المقبلة لعام 2025، مع حملة ترويجية تتضمن مقابلات مع أبطال العمل، وحلقات نقاش مفتوحة تضم أفرادًا من مجتمع التوحد.
في وقت يزداد فيه الاهتمام بالتمثيل العادل في الإعلام، يأتي هذا المسلسل ليعيد تشكيل العلاقة بين الشاشة والواقع، مُحولًا قصص التوحد من هامش السرد إلى قلبه النابض.