Skip to content

أرمينيا تحرم ذوي الإعاقة النفسية من الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم

أرمينيا تحرم ذوي الإعاقة النفسية من الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم

لا توجد تعليقات

أرمينيا – جسور –  فاطمة الزهراء بدوي

فجرت الانتهاكات التي تعرض الأرميني فاهاغن بتروسيان، البالغ من العمر 45 عامًا، وهو من ذوي الإعاقة،  فضيحة مدوية حول ممارسات التمييز المستمر بحق الأشخاص ذوي الإعاقات النفسية-الاجتماعية، وحرمانهم من حقوقهم القانونية الأساسية، بما في ذلك الحق في الدفاع عن النفس، والحصول على محاكمة عادلة،.

جاء ذلك على إثر تسليط الضوء علي القضية الخاصة بفاهاغن بتروسيان، لتكشف وجود ثغرات عميقة في نظام العدالة في أرمينيا.

بدأت معاناة بتروسيان في سبتمبر 2015، عندما أصدرت محكمة أرمنية حكمًا بتجريده من أهليته القانونية، بدعوى أن إعاقته النفسية تمنعه من اتخاذ قراراته بشكل مستقل.. قرار فتح الباب أمام سنوات من العزلة والإهمال داخل مؤسسات الرعاية، حيث عانى من العنف والحرمان من أبسط حقوقه، كأنما تم نزع إنسانيته بالكامل.

رغم التزامات أرمينيا القانونية بموجب الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لا يزال نظام العدالة في البلاد عاجزًا عن ضمان الحد الأدنى من الإنصاف للأشخاص ذوي الإعاقات النفسية. فلا توجد خدمات دعم مجتمعية فعالة، ولا يتم توفير تعديلات إجرائية مثل جلسات استماع عن بُعد، أو مستندات قانونية بلغة مبسطة، أو مساعدات شخصية تسهل المشاركة في الإجراءات القضائية.

استعادة الأهلية.. بداية لم تنجح

في نوفمبر 2023، وبعد سنوات من النضال، تمكن بتروسيان من استعادة أهليته القانونية، في خطوة وصفها البعض بالرمزية وسط واقع مؤسسي يقصي الأشخاص ذوي الإعاقات من الحياة العامة. بدأ بتروسيان في إعادة بناء حياته، بحثًا عن عمل، وقبول اجتماعي، واستعادة علاقاته، لكن الأمر لم يدم طويلًا.

في أغسطس 2024، وبعد حادث عنيف وقع بينه وبين أحد أفراد عائلته، اعتُقل بتروسيان وأُودع في مستشفى جنائي تابع للنظام العقابي، حيث ظل محتجزًا لمدة شهرين، وشارك خلالها في ثلاث جلسات استماع.

وبعد عدة أشهر، أعلنت لجنة الطب النفسي التابعة للدولة أن بتروسيان “فاقد للأهلية الجنائية”، وقررت إخضاعه لعلاج قسري داخل مستشفى للأمراض النفسية. منذ ذلك الحين، استُبعد تمامًا من أربع جلسات محكمة تتعلق باحتجازه، بما في ذلك جلستان عُقدتا دون حضور محاميه المعين من الدولة، وهو ما يُعد انتهاكًا واضحًا لمعايير المحاكمة العادلة.

إقصاء مالي ومعنوي

لم تقتصر الانتهاكات على الجانب القانوني فقط، ولكنها امتدت إلى ما هو أبسط من ذلك: مصدر دخل بتروسيان.. فقد احتجزت السلطات محفظته وبطاقة معاشه لمدة ثمانية أشهر، مما حرمه من أي دعم مالي أو استقلال اقتصادي، في وقت كان بأمس الحاجة فيه إلى الأمان والدعم.

أما خلال فترة احتجازه في المستشفى الجنائي، فلم يتلقَّ العناية النفسية أو الاجتماعية الكافية، بل تشير تقارير حقوقية إلى أن ظروف احتجازه ربما ترقى إلى مستوى سوء المعاملة. كما أن مستشفى الأمراض النفسية الذي نُقل إليه لاحقًا يفتقر إلى برامج التأهيل النفسي أو خطط للعودة المجتمعية، مما يزيد من مخاطر بقاءه في دائرة الاحتجاز القسري لفترة طويلة قد تمتد لسنوات.

دعوات للإصلاح العاجل

تطالب منظمات حقوق الإنسان السلطات الأرمنية بوضع حد للممارسات التمييزية في مؤسسات العدالة والرعاية، وضمان التزام المحاكم بالحد الأدنى من ضمانات الإجراءات القانونية، وعلى رأسها إشراك الشخص المعني في القضايا التي تخصه.

وتؤكد “هيومن رايتس ووتش” أن استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقات النفسية-الاجتماعية من النظام القضائي يشكل انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان، ويجب معالجته عبر تطوير برامج دعم مجتمعي بديلة للمؤسسات، وتدريب القضاة والموظفين على الحقوق القانونية لهذه الفئة.

في وقت ترفع فيه الدول شعار “لا أحد يُترك خلف الركب”، لا تزال قصص مثل بتروسيان تذكرنا بأن الطريق طويل أمام نظم العدالة لتحقيق الإنصاف للجميع، دون تمييز بسبب الإعاقة، أو النوع، أو الخلفية الاجتماعية.

المقالة السابقة
معجزة من الصين.. تقنية جديدة تعيد لمرضى الشلل القدرة على الحركة
المقالة التالية
شبكة تلفزيون أمريكية تنتج مسلسلًا بوليسيًا بطلته مصابة بالتوحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed