الصين – جسور- ترجمة: سماح ممدوح حسن
أعلنت جامعة فودين الصينية Fudan University، عبر موقعها الرسمي، الشهر الجاري أن فريق بحثي مشترك من الجامعة في شنجهاي نجح فى تطوّير تقنية مزروعة داخل العين، شبكية مبتكرة تعتمد على مادة بصرية-إلكترونية جديدة، ما يفتح آفاقًا واعدة لاستعادة البصر لدى المكفوفين بعد زرعها داخل العين.
وأوضح الفريق أن الجهاز المزروع صغير الحجم ويعمل بشكل ذاتي دون الحاجة إلى مصدر طاقة خارجي، وقد تم اختباره بنجاح على فئران عمياء وعلى نماذج من الرئيسيات غير البشرية، ما أثبت فاعليتها.
وقال الباحث وانج شُوييوان، أحد القائمين على المشروع من كلية الدوائر المتكاملة والإلكترونيات الدقيقة والنانوية بجامعة فودان، إن هذه التقنية تعمل على استبدال الخلايا المستقبِلة للضوء التي تلفت بفعل الاستماتة (apoptosis) في الشبكية. وعند تعرضها للضوء، تنتج تيارًا كهربائيًا صغيرًا يُفعّل الخلايا العصبية السليمة المتبقية، وأن هذه التقنية مناسبة لحالات العمى المكتسب.
وأشار الباحثون إلى أن هذه التقنية يمكن زراعتها من خلال تدخل جراحي سطحي وبسيط، دون الحاجة إلى معدات ضخمة أو مصدر طاقة خارجي، مما يسهّل عملية الزرع ويقلل من المضاعفات المحتملة.
وقد نُشرت نتائج هذا البحث في موقع مجلة Science يوم الجمعة، بمشاركة علماء من كلية الدوائر المتكاملة والإلكترونيات الدقيقة والنانوية، ومعاهد علوم الدماغ بجامعة فودان، ومعهد فيزياء التقنيات بفرع الأكاديمية الصينية للعلوم في شنجهاي.
وجاء في مراجعة علمية مستقلة للمقال أن “النظام المُطور يُلغي الحاجة لمصادر طاقة خارجية، مما يسمح بالزرع تحت الشبكية بطريقة جراحية بسيطة دون الاعتماد على معدات داعمة ضخمة”.
تعتمد تقنية الجهاز المزروع على شبكة من أسلاك النانو المصنوعة من عنصر التيلوريوم، وتتكون من قاعدة وأسلاك نانوية. ويُستخدم الليزر لتقطيع الجهاز إلى قطع صغيرة يصل حجمها إلى خمس حجم ظفر الإصبع، بحيث يُمكن تخصيص عدد القطع المزروعة حسب احتياجات كل فرد.
وذكرت الباحثة تشانج جيايي، من معاهد علوم الدماغ، أن تجارب المختبر أظهرت أن الفئران العمياء، التي كانت تعتمد سابقًا على اللمس والشم، أصبحت تستجيب للضوء بعد الزرع. وأضافت: “في تجاربنا المصممة بعناية، تمكنت الفئران من تمييز الأشكال المثلثة المرتبطة بالمكافأة عن الأشكال الدائرية”.
وأكد الباحثون أنه لم تُسجل أي ردود فعل سلبية في نماذج الرئيسيات غير البشرية بعد ستة أشهر من الزرع، مما يمهد الطريق للتطبيقات السريرية المستقبلية.
وأشار الفريق كذلك إلى أن الجهاز يتمتع بأعلى كثافة تيار ضوئي مسجلة حتى الآن، ويوفر تغطية طيفية واسعة لإعادة بناء الرؤية وتحسينها.
ويتيح الجهاز توسيع نطاق الإبصار ليشمل ألوانًا وأطيافًا لا تراها العين البشرية عادة، مثل الأشعة تحت الحمراء، إذ يعمل ضمن مجال بصري يبدأ من 470 ويصل حتى 1550 نانومتر، بينما يقتصر النظر الطبيعي على المجال بين 380 و780 نانومتر فقط.
وقال وانج”هذا يعني أن تقنية الزرعة البصرية الجديدة هذه قد تدفع بحدود الرؤية البشرية الطبيعية نحو آفاق غير مسبوقة”.
وأضاف الفريق أن الحيوانات التى زرع لها الجهاز أظهرت قدرات “رؤية خارقة”، إذ تمكنت من إدراك الضوء تحت الأحمر والتعرف على أنماط مشعة بهذه الأطوال الموجية.
واختتمت تشانج بالإشارة إلى أن من بين الاتجاهات البحثية المستقبلية استكشاف وسائل لتعزيز سرعة ودقة معالجة المعلومات البصرية لدى الكائنات الحية.