روت البارونة تاني جراي طومسون السياسية والبطلة البارالمبية السابقة، تجربتها الشخصية مع فقدان كرسيها المتحرك خلال إحدى الرحلات، والذي لم يُسترد إلا بعد أشهر وكان في حالة سيئة وغير صالح للاستخدام.
واقعة تاني جراي تكشف النقاب عن حجم العراقيل والتحديات التي يواجهها ذوي الإعاقة خلال رحلات سفرهم، والتي يأتى على رأسها فقدان أو تلف معدات التنقل الخاصة بهم خلال السفر، إضافة إلى فترات الانتظار الطويلة للحصول على المساعدة، رغم التحسينات المتزايدة في خدمات السفر وإمكانية الوصول، الأمر الذي ينسف كل الروايات الرسمية عن وجود خطط مكتملة لتمكين ودمج ذوي الإعاقة.
في مؤتمر مشترك استضافته كل من شراكة أدفانتج للسفر ورابطة سفر الأعمال في لندن عام 2025، كانت القضية الرئيسية المطروحة للنقاش هي الصعوبات التي يواجهها ذوي الإعاقة خلال رحلات التنقل والسفر.
تقرير دولي وأرقام صادمة
الأرقام كشفت حجم الأزمة، إذ أوضح استطلاع أجرته مؤسسة MMGY Intelligence بالتعاون مع الشبكة الأوروبية للسياحة الميسرة والمجلس العالمي للسفر والسياحة، أن أكثر من 80% من المسافرين ذوي الإعاقة في خمس دول أوروبية”فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة” يواجهون مشكلات جوهرية أثناء سفرهم، تشمل تلف المعدات وصعوبة الحصول على الدعم في الوقت المناسب.

مؤشرات إيجابية
على الجانب الآخر تبرز مؤشرات تبعث على التفاؤل، ففي يونيو 2025، أصدرت هيئة الطيران المدني البريطانية تقريرًا أكد أن جميع المطارات البريطانية حققت تحسنًا في مستوى خدماتها المقدمة لذوي الإعاقة، حيث لم يُصنَّف أي مطار بأنه “ضعيف” للعام الثاني على التوالي، كما ارتفعت نسبة الركاب الذين يطلبون المساعدة من 0.94% عام 2010 إلى 1.9% عام 2024، ما يعكس من جهة شيخوخة السكان ومن جهة أخرى تزايد وعي ذوي الإعاقة بحقوقهم في السفر الآمن والميسر.
تشريعات جديدة لحماية الحقوق
الحكومة البريطانية أبدت التزامًا متزايدًا بدعم المسافرين ذوي الإعاقة، إذ رحبت في يوليو 2025 بتقرير فريق عمل تحسين إمكانية الوصول في الطيران، برئاسة البارونة جراي طومسون، والذي تضمن 19 توصية رئيسية، منها تدريب إلزامي للعاملين في الطيران على يد أشخاص من ذوي إعاقة، وإجراءات أكثر وضوحًا خاصة حجز المساعدة ونقل الكراسي وأجهزة التنقل.
أما في الاتحاد الأوروبي فقد دخل قانون الوصول الأوروبي EAA حيز التنفيذ في يونيو 2025، ليلزم الشركات بتطبيق معايير صارمة لإمكانية الوصول في المواقع الإلكترونية وأجهزة الخدمة الذاتية، بما في ذلك خدمات التجارة الإلكترونية المرتبطة بسفر الأعمال، لضمان شمولية التجربة الرقمية للمسافرين ذوي الإعاقة.
حلول تكنولوجية ومؤسسية
القطاع الخاص أيضًا بدأ يتحرك. إذ طورت شركات متخصصة في تكنولوجيا الفعاليات قوالب تساعد عملاءها على جعل أدواتهم متوافقة مع معايير القانون الأوروبي، إلى جانب إطلاق أدلة لمشتري ومنظمي الفعاليات تُمكّنهم من تلبية احتياجات ما يقرب من 25% من الحضور ممن يحتاجون ترتيبات خاصة.
في السياق ذاته أطلق معهد إدارة السفر ITM دليلًا بعنوان “بناء برنامج سفر شامل” قدّم فيه توصيات عملية في مجالات السياسة والموارد البشرية والعمليات، بهدف مساعدة الشركات على تصميم برامج سفر أكثر دعمًا لموظفيها من ذوي الإعاقة.
دور حاسم لمديري السفر
يشدد خبراء القطاع على أن مديري السفر يلعبون دورًا محوريًا في التحول نحو الشمولية، عبر دمج معايير الوصول في سياسات السفر دون تكاليف إضافية باهظة. وتؤكد كيلي روجرز مديرة السفر الشامل في Amex GBT Consulting، أن المرونة في السياسات هي المفتاح. مشيرة إلى أن تغييرات بسيطة مثل توفير أمثلة على الخيارات الميسرة أو منح دعم إضافي لبعض الحالات يمكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا.
مستقبل أكثر شمولية
رغم العقبات إلا أن التطورات الأخيرة على مستوى التشريعات وتحسن خدمات المطارات وإطلاق مبادرات وبرامج مؤسسية جديدة، تعكس اتجاهًا واضحًا نحو تجارب سفر أكثر عدلًا وشمولية.
ويؤكد مراقبون أن التعاون المتواصل بين الحكومات والشركات ومديري السفر سيُسهم في بناء صناعة سفر أكثر قدرة على تلبية احتياجات جميع الفئات، وجعل السفر متاحًا ومريحًا للجميع دون استثناء.