أزمة السكن الملائم تهدد آلاف المعاقين في إنجلترا بالتشرد

تشهد إنجلترا أزمة متفاقمة في السكن الملائم للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يواجه عشرات الآلاف خطر التشرد في ظل نقص شديد في المساكن المجهزة وغياب الاستجابة الجادة من المجالس المحلية.

أربع سنوات من الطرد المتكرر

تعاني كريستال هندري 30 عامًا، من ضمور عضلي شوكي وتستخدم كرسيًا متحركً،  أنهت دراستها في علم النفس عام 2021 وكانت تستعد لبدء مسيرتها المهنية كمستشارة نفسية، لكنها سرعان ما وجدت نفسها بلا مأوى.

بعد طردها لأول مرة عام 2021، قضت كريستال فترة وصفتها بأنها “فظيعة للغاية” في مساكن غير مناسبة، وفي النهاية تمكنت من استئجار منزل في مدينة أخرى، لكنه لم يكن مجهزًا كما تحتاج، فالمنحدرات غير آمنة وعانت بسببها فى الحركة، ومع ذلك كان أفضل من البدائل التي اقترحها المجلس المحلي، مثل نقلها إلى غرفة داخل دار رعاية لمرضى الخرف.

اليوم وبعد أربع سنوات، تواجه كريستال الطرد مرة أخرى، بعد أن أخطرها مالك بالإخلاء “دون خطأ منها” ووصل الأمر بالمالك باللجوء إلى القضاء..

وتقول كريستال:”لم ينته الأمر أبدًا وما زال مستمرًا حتى الآن، لا أعرف إلى أين سأذهب، طرق المأمور على الباب أمر مخيف، لكنه يصبح مرعبًا أكثر عندما تكون لديك أجهزة أساسية لا يمكنك العيش بدونها”.

زيادة 72% في أربع سنوات

حالة كريستال ليست استثناءً، وبحسب تحليل سكاي نيوز لبيانات حكومية، ارتفع عدد الأسر التي لديها إعاقات جسدية وطلبت دعمًا ضد التشرد إلى 70  ألف أسرة في 2024/2025، مقارنة بـ 40 ألفًا قبل أربع سنوات.

هذه الزيادة بنسبة72%  هي الأعلى بين كل الفئات السكنية، وتمثل أكثر من ثلاثة أضعاف الزيادة العامة في عدد الأسر المحتاجة لدعم ضد التشرد20%. وأصبح ذوي الإعاقة يشكلون الآن 21%  من الأسر المهددة بالتشرد، بعد أن كانوا 13% فقط في 2020/2021.

مجالس محلية عاجزة عن الإحصاء

تحقيق سكاي نيوز بالتعاون مع الناشط في مجال السكن كواجـو توينيبوا كشف عجزًا مقلقًا في بيانات المجالس المحلية:

• ثلثا المجالس لم يعرفوا عدد الأشخاص ذوي الإعاقة المنتظرين لسكن ملائم.
• أربعة من كل خمسة لم يتمكنوا من تقدير مدة الانتظار.

مجلس كنسينجتون وتشيلسي كان من القلة التي قدمت بيانات، وأفاد بأن فترة الانتظار للحصول على سكن ملائم تجاوزت ست سنوات ونصف، أي أطول من الانتظار على شقق عادية بنحو 15 شهرًا.

ويقول توينيبوا:”غياب البيانات يعكس غياب الجدية، يكفي أن يتعرض أي شخص لحادث ليصبح بحاجة إلى هذه الخدمات، ومع شيخوخة السكان سيزداد الطلب بلا شك”.

خمسة ملايين شخص إضافي من ذوي الإعاقة

تؤكد البيانات الرسمية أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في المملكة المتحدة زاد بنحو خمسة ملايين خلال العقد الأخير، فيما تبقى المشكلات الحركية الأكثر شيوعًا، إذ تؤثر على نصف ذوي الإعاقة تقريبًا.

تقول ميلي براون نائبة مدير الإسكان في مركز تحسين الشيخوخة:”20% من الناس يعيشون بإعاقة، لكن 13% فقط من المنازل في إنجلترا بُنيت وفق معايير تتيح لهم العيش باستقلالية، نحن نتحدث عن أشياء بسيطة كمداخل بلا درجات ومرحاض في الطابق الأرضي وأبواب واسعة للكراسي المتحركة، وأرضيات بمستوى واحد”.

هذه المعايير موجودة منذ سنوات لكن غياب إلزامية تطبيقها في الأبنية الجديدة أبقى معظم المساكن غير ملائمة، بعد أول طرد، حاولت كريستال التسجيل في قائمة الإسكان بمجلس نورث هارتفوردشير، تقدمت لأكثر من 100 وحدة سكنية شاهدت ستة منها فقط، ولم يكن أي منها مناسبًا.

تقول:”في خمسة منها لم أستطع دخول الباب. والعقار الوحيد المجهز قيل لي إنه لا يناسب احتياجاتي بما يكفي، فتم رفضي”. ومع انتقالها لاحقًا إلى منطقة جديدة أصبحت غير مؤهلة للتسجيل في قوائم الإسكان سواء في منطقتها القديمة أو الجديدة.

وإلى جانب ندرة المساكن الملائمة يواجه ذوي الإعاقة أزمة أخرى: القدرة على تحمل الإيجارات، تقول ديبورا جارفي من مؤسسة “شيلتر”:”إعانات الإسكان مجمدة ولم تواكب التضخم،ما يجعل الأزمة مضاعفة على ذوي الإعاقة أو من يعيشون معهم، وقلة فرص العمل بدوام كامل إضافة إلى عوائق الوصول، تجعل الوضع أكثر قسوة”.

وزارة الإسكان والمجتمعات قالت إن حالات مثل كريستال غير مقبولة، نتخذ إجراءات عاجلة لحظر الإخلاءات، وبناء 1.5 مليون منزل جديد وتوفير الأمن السكني، كما سنبني المزيد من المساكن الملائمة بدعم استثماري قدره 39 مليار جنيه إسترليني.

تكشف هذه الأرقام والقصص أن أزمة السكن الملائم لذوي الإعاقة لم تعد قضية فردية، بل باتت أزمة إنسانية واجتماعية تهدد عشرات الآلاف في إنجلترا. ومع غياب بيانات دقيقة وتأخر السياسات الحكومية، يبقى آلاف الأشخاص مثل كريستال عالقين بين انتظار طويل الأمد ومساكن غير مناسبة وخوف دائم من طرقات المأمورين.