السعودية – جسور – شيماء اليوسف
لم تكن أحلام أم فاطمة العسيف، أكبر من أن تمنح ابنتها نافذة تُطلّ منها على الحياة. لم ترد لها شهرة، ولا مجدًا. فقط أرادت أن تضيء لها شمعة، تساعدها على أن ترى الطريق، وتلمس الأمل، وتصنع لنفسها مكانًا في هذا العالم، لا كعبءٍ يُرثى له، بل كفنانة تُحتفى بها.
فاطمة شابة سعودية من فئة ذوي الإعاقة السمعية، خضعت لزراعة قوقعة، وبدأت رحلتها مع الفنون اليدوية في عام 2023 حينما أعلنت جمعية العطاء عن دورة لفن “المكرمية” – فنّ العقد بالخيط. حينها، لم يكن الحافز مجرد هواية، بل كانت الأم تبحث عن مهنة تملأ وقت ابنتها بشيء تحبه، وتمنحها سببًا لتستيقظ كل صباح بابتسامة.
منذ اللحظة الأولى، عشقت فاطمة ترتيب الخيوط، وراحت أناملها الصغيرة تلتقط الأنماط ببراعة. لم تكن هناك صعوبات تذكر؛ فقط كانت متعة الاكتشاف وجمال الفن. ومع أن البداية كانت في دورة تدريبية بسيطة، فإن شغف فاطمة دفعها لتطوّر مهاراتها ذاتيًا عبر مقاطع اليوتيوب، فكلما رأت تصميمًا جديدًا أرادت أن تجرب وتبتكر.
قد لا يكون لديها اليوم طلبات كثيرة على منتجاتها، لكن إخوتها يشجعونها، يطلبون منها أعمالًا، فقط ليمنحوها دافعًا للاستمرار. وكل قطعة تصنعها فاطمة ليست مجرد منتج، بل رسالة، تقول بها: أنا أستطيع، ولدي ما أقدّمه لهذا العالم.
تقول الأم، في حديثها مع مجلة جسور، بصوت يملؤه الرجاء: “أتمنى أن تكون من الفنانات المعروفات في شغلها… إن شاء الله، وإذا فيه دورات جديدة، وُدي أطور نفسي معها.”
فاطمة ليست وحدها، فخلف كثير من قصص النجاح لأشخاص من ذوي الإعاقة، تقف أمهات مثل أمها… أمهات لم يعرفن اليأس، بل صدّقن أن في داخل كل طفل شمعة، تنتظر من يشعلها.