Skip to content

مبادرة أمريكية جديدة لأبحاث “التوحد” تثير قلق العلماء والباحثين

مبادرة أمريكية جديدة لأبحاث “التوحد” تثير قلق العلماء والباحثين

لا توجد تعليقات

واشنطن- جسور – فاطمة الزهراء بدوي

أعلنت المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة (NIH) عن إطلاق مبادرة بحثية كبرى لدراسة التوحد، بميزانية تبلغ 50 مليون دولار، تحت اسم “مبادرة علوم بيانات التوحد” Autism Data Science Initiative. تهدف إلى استخدام مصادر بيانات متنوعة لفهم أسباب التوحد، وتحليل العوامل التي تؤدي إلى تزايد انتشاره، مع دراسة فاعلية العلاجات والتدخلات القائمة لتوجيه البحوث المستقبلية.

رغم حجم التمويل غير المسبوق، أعرب عدد من الباحثين المتخصصين في مجال التوحد عن تحفظهم تجاه الطريقة التي أُطلقت بها المبادرة، مشيرين إلى أن الجدول الزمني ضيق، وأن البروتوكولات المتبعة تبدو غير تقليدية. وقد فتحت NIH الباب لتلقي المقترحات البحثية حتى 27 يونيو الجاري، مما يمنح الباحثين أقل من شهر لإعداد مشاريع بحثية جماعية معقدة.

من المتوقع أن تمول المبادرة من 10 إلى 25 مشروعًا بحثيًا، بقيمة تصل إلى 5 ملايين دولار لكل مشروع، على مدى عامين إلى ثلاثة أعوام. ووفقًا لما أعلنه دوج شيلي، نائب مدير مكتب التنسيق الاستراتيجي بالمعاهد الوطنية للصحة، فإن الهدف هو “جمع الموارد والباحثين وأفراد المجتمع معًا لتوليد معرفة جديدة تساهم في تحسين نتائج الصحة للأشخاص المصابين بالتوحد”.

تشترط المبادرة أن تتضمن كل مقترحات البحث خطة متكاملة لإشراك أصحاب الشأن، بما في ذلك الأشخاص المصابون بالتوحد وأسرهم ومقدمو الرعاية والأطباء والمنظمات المعنية. وتشير الوثائق الرسمية إلى أن استخدام البيانات سيتم وفقًا لمعايير الخصوصية والسرية المعمول بها في القوانين الفيدرالية والولاياتية، إلى جانب سياسات المعاهد الوطنية للصحة ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية.

البيانات المستهدفة تشمل سجلات “ميديكيد”، و”المسح الوطني لصحة الأطفال”، وقواعد بيانات وراثية مثل قاعدة MSSNG التابعة لمنظمة “أوتيزم سبيكس”، وغيرها من المصادر العامة والخاصة.

ورغم الأهداف المعلنة، تشير انتقادات واسعة داخل مجتمع البحث العلمي إلى أن المبادرة تستخدم ما يُعرف بآلية التمويل “المعاملات الأخرى” (Other Transaction)، وهي طريقة تمنح موظفي NIH صلاحيات موسعة في إدارة المشروعات، بخلاف ما هو معتاد في طلبات المنح الأكاديمية.

قالت هيلين تاجر-فلوسبرج، مديرة مركز التميز في أبحاث التوحد بجامعة بوسطن ومؤسسة ائتلاف علماء التوحد، إن هذه الآلية تسمح لموظفي NIH بفرض التعاون بين باحثين مستقلين، أو استخدام بياناتهم لأغراض إضافية، أو حتى وقف المشروع قبل انتهائه. كما أشارت إلى تدخل موظفي NIH في عملية المراجعة العلمية، وهي خطوة غير معهودة في تقييم المنح البحثية، حيث يتم عادةً تقييم المقترحات على مرحلتين، إحداهما بمشاركة المجتمع.

ائتلاف علماء التوحد، الذي يضم أكثر من 250 باحثًا، طالب NIH بتشكيل مجلس استشاري خارجي يضم علماء وخبراء مجتمع من أجل ضمان الشفافية والمساءلة في إدارة المبادرة.

من جانبه، اعتبر ديفيد أمارال، الأستاذ في معهد M.I.N.D بجامعة كاليفورنيا، أن ضيق الوقت المخصص لإعداد المقترحات يمثل تحديًا كبيرًا، خاصةً أن المبادرة تتطلب فرقًا علمية متعددة التخصصات وخططًا تعاونية موسعة.

وتأتي هذه المبادرة عقب إعلان شراكة بين NIH ومراكز “ميديكير وميديكيد” لإنشاء “منصة بيانات العالم الحقيقي”، والتي ستسمح بإجراء أبحاث على مستوى واسع تشمل السجلات الطبية والبيانات المجمعة من الأجهزة الذكية القابلة للارتداء. ومع ذلك، أوضحت NIH أن مبادرة “علوم بيانات التوحد” مستقلة عن هذه المنصة، رغم التشابه في تركيزهما على تحليل البيانات.

وفي ظل الضغوط التمويلية التي تواجه أبحاث التوحد، كشفت تقارير أن تمويل NIH لهذا المجال انخفض بنسبة 26% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي، ما يعمق من أهمية التمويل الجديد رغم المخاوف المحيطة به. وحتى اللحظة، لم تُصدر NIH أو وزارة الصحة والخدمات الإنسانية أي تعليق رسمي حول الانتقادات المثارة بشأن المبادرة.

المقالة السابقة
“فينا خير” مبادرة مصرية لدعم الأطفال ذوي الإعاقة وتأهيل الأمهات مجانًا
المقالة التالية
أستراليا ترفع سن أهلية الأطفال للحصول على دعم الإعاقة إلى 9 سنوات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed