حياة جميلة.. كيف أخطأنا فهم الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية؟

حياة جميلة.. كيف أخطأنا فهم الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية؟

المحرر: سماح ممدوح حسن-بريطانيا
الإعاقات الذهنية

ليس كل ما نراه من شخص ما يعكس الحقيقة الكاملة عنه. فالمظاهر غالبًا ما تخفي أعماقًا وإنسانيات تتطلب منا التأمل والتفكر أكثر.

وفي هذا السياق، يقدم الكاتب البريطاني ستيفن أونوين في كتابه الصادر يونيو الماضي «حياة جميلة: كيف أخطأنا فهم الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية». من خلال رحلة فكرية وإنسانية مميزة، تدفع القارئ إلى الوقوف أمام نفسه، وإعادة النظر في تصوراته المسبقة. إضافة إلى مراجعة فهمه للعالم من حوله.

الكتاب لا يقتصر على سرد تجارب شخصية أو حالات فردية. بل يسلط الضوء على التاريخ الطويل والمعقد لفهم ومعاملة الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية. كما يستحث الوعي بأهمية الاعتراف بقيمة هؤلاء الأشخاص الإنسانية. فضلا عن  ضرورة التعامل معهم كجزء أصيل وفاعل من المجتمع. لا مجرد مراقبة أو تقييم قائم على قدراتهم العقلية وحدها.

حياتهم رائعة لكن المجتمع لا يرى ذلك

يبدأ الكتاب برسالة قوية ومؤثرة إلى ابن المؤلف، جوي، وهو شاب يتمتع بحس فكاهي رائع. إضافة إلى ابتسامة ساحرة، ويحب الطبيعة وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء. لكنه غير ناطق ولديه إعاقات ذهنية كبيرة.

هذه الرسالة تشكل نقطة انطلاق ستيفن في رحلته. لتسليط الضوء على أن الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية يعيشون حياة جميلة بالفعل. لكن المجتمع والأفكار والممارسات هي التي تفشل في رؤيتهم بشكل صحيح.

ويكتب ستيفن في الرسالة: «أشير إليك في الكتاب من وقت لآخر.  متخيلًا وجودك في الأماكن والمواقف التي أصفها. وأحيانًا أشارك شعوري كأب لك. لكن موضوعي الحقيقي أكبر منك، أكبر منا جميعًا. إنه يتعلق بكيفية فهم الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية. بعضهم يشبهك قليلًا وبعضهم لا يشبهك إطلاقًا، وكيف تم تقديرهم وسوء تقديرهم، واعتبارهم محل تقديس أو احتقار عبر التاريخ»

ويختم الرسالة مؤكدًا أن تدوين هذه الكلمات سيساعد القارئ على فهم قيمة الأشخاص مثل جوي، ليس بالنسبة له فقط، بل بالنسبة لنا جميعًا.

التجريد من الإنسانية للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية

يركز الكتاب على الإقصاء وتجريد الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية من الإنسانية. يعبر ستيفن بسلاسة عبر التاريخ، من روما القديمة مرورًا بعلم تحسين النسل، وألمانيا النازية وحتى الوقت الحاضر، مع التركيز دائمًا على كيفية رؤية هؤلاء الأشخاص وتقديرهم أو التقليل من شأنهم.

ويتحدى الكتاب القيمة المبالغ فيها التي يوليها المجتمع للذكاء. كما يؤكد على أن التركيز يجب أن يكون على الإنسان كما هو، وعلى القيمة التي يضيفها إلى أسرته ومجتمعه.

هذا التركيز المفرط على الذكاء أدى إلى تجريد الإنسان من إنسانيته. وما زال هذا التأثير ظاهرًا حتى اليوم. سواء في طريقة تنظيم الخدمات أو في الإجراءات التقشفية خلال العقد الماضي. أو في النقاشات حول الموت بمساعدة الغير وتقليص المنافع الاجتماعية.

رسالة الكتاب وأهميته

الكتاب بمثابة جولة فكرية شاملة وملهمة من الماضي حتى الحاضر.  وينبغي أن يقرأه جميع العاملين في الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية. بالإضافة إلى صانعي السياسات والقوانين. ويعد أداة ممتازة لتدريب وتأهيل المحترفين في هذه المجالات.

أهم ما يستخلصه القارئ هو أن حياة كل شخص لها قيمة. كما أن كل فرد يضيف شيئًا مهمًا، وأن تجريد الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية من الإنسانية يقلل من قيمة مجتمعنا جمعيًا.

يؤكد ستيفن أن التركيز يجب أن يكون على الإنسانية، إضافة إلى حقوق الأشخاص التي غالبًا ما تُحرم منهم.

وأخيرًا، يسلط الكتاب الضوء على الفرح الذي يجلبه جوي وآخرون كثيرون مثلهم لعائلاتهم ومجتمعاتهم والمجتمع ككل. وهو عنصر أساسي في الإنسانية يتجاوز اللغة المنطوقة والكلمة المكتوبة والذكاء المفترض.

المقالة السابقة
برميل سقط على رأسها.. سمر طفلة يتيمة من غزة تصارع الموت وتطرق باب النجاة
المقالة التالية
شرطة الشارقة في الإمارات تقدم جولة تعريفية لطلاب الإعاقة

وسوم

الإعاقة (3) الاستدامة (33) التحالف الدولي للإعاقة (34) التربية الخاصة (2) التشريعات الوطنية (33) التعاون العربي (33) التعليم (4) التعليم الدامج (4) التمكين الاقتصادي (3) التنمية الاجتماعية (33) التنمية المستدامة (3) التوظيف الدامج (32) الدمج الاجتماعي (31) الدمج الجامعي (3) العدالة الاجتماعية (3) العقد العربي الثاني لذوي الإعاقة (31) الكويت (5) المتحف المصري الكبير (4) المجتمع المدني (31) المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (4) المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة (4) الوقائع الإخباري (2) تكافؤ الفرص (32) تمكين (2) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (31) حقوق الإنسان (3) حقوق ذوي الإعاقة (3) دليل الكويت للإعاقة 2025 (30) ذوو الإعاقة (12) ذوو الاحتياجات الخاصة. (31) ذوي الإعاقة (9) ذوي الهمم (5) ريادة الأعمال (33) سياسات الدمج (33) شركاء لتوظيفهم (34) قمة الدوحة 2025 (35) كود البناء (36) لغة الإشارة (2) مؤتمر الأمم المتحدة (36) مبادرة تمكين (3) مجتمع شامل (36) مدرب لغة الإشارة (37) مصر (12) منظمة الصحة العالمية (37) وزارة الشؤون الاجتماعية (2)