أصدر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة تحذيراً شديد اللهجة من العواقب المدمرة للخطة الإسرائيلية الرامية إلى السيطرة الكاملة على مدينة غزة وتهجير سكانها قسراً، مع التركيز بشكل خاص على المخاطر الجسيمة التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة بين الفئات الأكثر ضعفاً وتضرراً.

وجاء في البيان الرسمي للمنظمة الدولية،: أن هذه الخطط، إذا ما نفذت، ستؤدي حتماً إلى عمليات قتل جماعي للمدنيين وتدمير شامل للبنية التحتية الضرورية للبقاء على قيد الحياة، في مشهد مأساوي يعيد إلى الأذهان ما حدث خلال العمليات العسكرية السابقة في شمال غزة ورفح.

وأشار المكتب الأممي إلى أن القوات الإسرائيلية تصعد هجماتها بشكل خطير خلال الأيام القليلة الماضية على عدة مواقع حيوية في شرق وجنوب مدينة غزة، وخاصة في حي الزيتون، ما أدى إلى نزوح مئات الأسر تحت وطأة القصف المتصاعد، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن الذين اضطروا إلى الفرار دون وجود أي مكان آمن يلجأون إليه وفي ظل ظروف إنسانية بالغة القسوة، في وقت لا يزال عدد آخر من المدنيين عالقاً في مناطق القتال، منقطعاً تماماً عن الإمدادات الأساسية من غذاء وماء ودواء، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

مجاعة كاملة في قطاع غزة

وفي تطور بالغ الخطورة، أكد التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي – وهو مبادرة عالمية تشارك فيها الأمم المتحدة – للمرة الأولى على الإطلاق حدوث مجاعة كاملة في قطاع غزة، مع توقعات مأساوية بامتداد هذه المجاعة إلى محافظتي دير البلح وخان يونس بشكل كامل بحلول نهاية سبتمبر المقبل. وكشف التقرير أن أكثر من نصف مليون شخص في القطاع يواجهون بالفعل ظروفاً كارثية تتميز بالجوع الشديد والموت والعوز، بينما يعيش 1.07 مليون شخص آخر (54% من السكان) في مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد “الطارئ”، فيما يواجه 396 ألفاً (20% من السكان) مرحلة “الأزمة”.

صعوبات مضاعفة لذوي الإعاقة

وتشكل هذه الأرقام المفجعة مؤشراً صارخاً على عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، ولا سيما الأشخاص ذوو الإعاقة الذين يواجهون صعوبات مضاعفة في الوصول إلى المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية، مثل صعوبات الحركة والتجاهل المتعامل لاحتياجاتهم الخاصة في أوقات الأزمات. وقد حذرت منظمة اليونيسف من أن الشهر الماضي سجل أعلى حصيلة لوفيات الأطفال بسبب سوء التغذية، حيث بلغ عدد الضحايا 24 طفلاً، أي ما يعادل 85% من إجمالي الوفيات المسجلة خلال العام الحالي بأكمله.

وأكدت المنظمة الدولية أن 320 ألف طفل تحت سن الخامسة في غزة، بمن فيهم أطفال ذوو إعاقة، معرضون لخطر سوء التغذية الحاد الذي يزيد بشكل كبير من احتمالات إصابتهم بالأمراض والعواقب الصحية طويلة الأمد. ومن جهتها، كشفت المتحدثة باسم الأمم المتحدة، دانييلا جروس، عن انتشار واسع للاضطرابات النفسية بين الأطفال الذين اضطروا إلى النزوح مراراً وتكراراً، مشيرة إلى أن إمدادات حماية الأطفال والدعم النفسي والاجتماعي شحيحة جداً في غزة ولم تدخل أي إمدادات جديدة منذ آذار/مارس الماضي.

وشددت الأمم المتحدة على أن وقف هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة يتطلب وقف إطلاق النار فوراً والسماح بوصول إنساني واسع النطاق وغير مقيد لإنقاذ الأرواح، معربة عن رفضها القاطع لأي محاولات للاستيطان أو التهجير القسري في غزة والضفة الغربية. وأكد البيان الختامي أن إسرائيل، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، ملزمة بعدم تدمير الممتلكات المدنية إلا في حالات الضرورة العسكرية القصوى، مشيراً إلى أن التدمير الواسع للمباني السكنية لا يبدو أنه يستند إلى أي ضرورة عسكرية ملحة.