.png)
المستقبل غامض، وشعور بالقلق من المستقبل ينتاب طلاب السنة النهائية في كلية «ناشونال ستار» للتعليم المتخصص، قرب مدينة تشلتنهام في مقاطعة جلوسيسترشير البريطانية، إنهم يواجهون رحلة شاقة ومقلقة نحو المجهول، خصوصا وأنهم يعتمدون على تمويل السلطات المحلية، وعلى قدرتهم على تحدي الصور النمطية للحصول على فرص عمل بعد التخرج.
وخلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، ستتابع هيئة الإذاعة البريطانية BBC مجموعة من هؤلاء الطلاب أثناء استعدادهم لمغادرة الكلية، حيث يعيشون مرحلة حاسمة مليئة بالقلق والتطلعات، ورغم امتلاكهم أحلامًا كبيرة لما يرغبون أن تكون عليه حياتهم المقبلة، إلا أن الواقع يبدو صعبًا ومعقدًا.
فمستقبلهم يعتمد على دعم موازنات الرعاية الاجتماعية المحلية المثقلة بالأعباء، وكذلك على توفر سكن مناسب في المناطق التي يعيشون فيه، فعند مغادرتهم الكلية، تُقيِّم السلطات المحلية حالة كل طالب لتحديد مدى أهليته للحصول على دعم مالي، دون أي ضمانات مسبقة.
يقول كثير من الطلاب إنهم يرغبون في العمل والانخراط في حياة منتجة، لكن الواقع يُظهر أن الأشخاص ذوي الإعاقة في بريطانيا يكاد احتمال بطالتهم يتضاعف مقارنة بغير المعاقين.
وبحسب موقع BBC فإنه في وقت لاحق من الشهر، سيشارك الطلاب في فعالية انتقالية للتعرف على الخيارات المتاحة في التعليم والتدريب وفرص السكن والحياة الاجتماعية.
تقول كيت ، 19 عامًا من مدينة باث، والتي تعاني شللًا دماغيًا وتستخدم كرسيًا متحركًا، إنها متحمسة للمشاركة في هذا الحدث لكنها تشعر بالقلق من «المجهول». وتأمل في أن تعيش باستقلالية وتعمل في تصميم الأبنية الداخلية لجعلها أكثر إتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة.
أما كريس، 19 عامًا من جلوستر، وهو كفيف جزئيًا، فقد اكتسب ثقة كبيرة منذ التحاقه بالكلية، خصوصًا عبر تدريب عملي في جمعيات خيرية محلية ساعد خلالها في بيع المنتجات عبر الإنترنت.
يقول كريس:«أريد أن أؤسس مشروعي الخاص في إعادة البيع. الحياة لا يجب أن تتوقف بسبب الإعاقة، فقط ركز تفكيرك في ما تريد».
لكن والدته، كلير، تؤكد أن العثور على وظيفة لابنها أمر بالغ الصعوبة، إذ لم يجد حتى الآن عملاً بدوام جزئي رغم محاولاته العديدة.
الطالب بيلي ، 23 عامًا المصاب بشلل دماغي أيضًا، خاض معركة قانونية عبر محكمتين إداريتين لإجبار سلطته المحلية على تمويل دراسته في «ناشونال ستار»، إذ تتراوح تكلفة الطالب الواحد بين 20 ألفًا و300 ألف جنيه إسترليني سنويًا تبعًا لاحتياجاته الفردية.
تقول والدته جانيت إن وجوده في الكلية «جعله أكثر نضجًا وتطورًا في التواصل»، فيما أضاف والده ريتش أن مهاراته الاجتماعية تحسنت كثيرًا.
أما ري 23 عامًا من ويلز، التي تعاني إصابة دماغية منذ الولادة وتتنقل على كرسي متحرك، فستعود للعيش مع أسرتها في منزل تم تكييفه لتلبية احتياجاتها. ورغم أنها لا تستطيع الكلام إلا باستخدام جهاز إلكتروني، فإنها تصرّ على أن يتم الاستماع إلى رغباتها بشأن مستقبلها واستقلالها.
وقالت والدتها جاين إن التجربة في الكلية «كانت تحويلية تمامًا»، لكنها تخشى أن تُرفض طلباتهم لتمديد بقائها عامًا إضافيًا.
من جانبها، أوضحت لينيت باريت الرئيسة التنفيذية للكلية، أن «الفرص المتاحة للطلاب بعد التخرج تختلف حسب المنطقة، وهو ما يشكّل نوعًا من اليانصيب في الخدمات». وأضافت:«عدد مقدّمي الرعاية الاجتماعية للشباب ذوي الاحتياجات المعقدة يتناقص، مما يجعل الحصول على العلاج الفيزيائي أو اللغوي بعد التخرج أمرًا في غاية الصعوبة، رغم أنه حاسم للحفاظ على جودة الحياة.»
وختمت باريت بقولها:«هؤلاء الأشخاص جزء مهم من مجتمعنا، ويجب ألا تقاس قيمتهم بتكلفتهم المالية، بل بما يمثلونه من إنسانية وكرامة.»
أما المحرر السياسي في BBC للمنطقة الغربية بول بارتروب، فاعتبر أن آمال طلاب «ناشونال ستار» ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقطاعين يعانيان أزمة تمويل حادة: برامج التعليم والصحة والرعاية EHCPs، والرعاية الاجتماعية للبالغين، مشيرًا إلى أن كليهما بحاجة لإصلاح شامل، لكن ملامح هذا الإصلاح ما زالت غامضة.
تسلّط تجربة طلاب ناشونال ستار، الضوء على التحديات التي يواجهها الشباب من ذوي الإعاقة بعد التخرج، بين غياب فرص العمل وصعوبة الحصول على سكن مناسب أو دعم مالي مستمر. ورغم شغفهم بالاستقلالية والمشاركة المجتمعية، تبقى العقبات الإدارية والتمويلية عائقًا أمام تحقيق أحلامهم ومستقبلهم المستقل.
