يواجه الآلاف من مبتوري الأطراف، ممن سُلبت منهم أقدامهم وأذرعهم بقصف إسرائيلي الموت، وهم يتركون الآن لمواجهة مصيرهم على كراسي متحركة متهالكة، محاصرين بطرق مدمرة وأوامر إخلاء تهددهم بالموت المحقق.
ووثق المركز الفلسطيني للإعلام شهادات من قلب المعاناة تكشف واقعًا مأساويًا يعيشه آلاف الجرحى المحرومين من العلاج الطبيعي أو السفر لتلقي الرعاية.
حمزة عبد نصر (33 عامًا) من مخيم جباليا، الذي فقد قدميه، يعيش على كرسي متحرك لا يقوى على اجتياز الدمار.
يقول: «أكبر خوفي أن يصدر أمر إخلاء جديد. أنا مبتور القدمين ولا أملك كرسيًا كهربائيًا. مع أي إخلاء سأُترك للموت، وعائلتي ستبقى عالقة معي لأنها لن تتخلى عني».
هذه الشهادات ليست سوى نموذج لأزمة إنسانية أشمل، حيث لم يتمكن سوى 54 شخصًا فقط من أصل 953 مريضًا حصلوا على تحويلات طبية للسفر من مغادرة قطاع غزة، ما يعني ترك البقية في مواجهة الألم والمعاناة اليومية دون أمل.
ويساهم انهيار النظام الصحي بشكل كامل في تفاقم الكارثة، حيث دمرت قوات الاحتلال المستشفيات والمراكز المتخصصة بالأطراف الصناعية وإعادة التأهيل، بما في ذلك مستشفى الوفاء ومستشفى الأمل وأقسام العظام في مجمع الشفاء الطبي.
و.حتى مركز الأطراف الصناعية التابع لبلدية غزة يواجه خطر التوقف النهائي بسبب الحصار المشدد ومنع إدخال المواد الخام الأساسية لصناعة الأطراف التعويضية أو إصلاح الكراسي المتحركة. وسط هذا الانهيار الشامل، يقف آلاف المبتورين وأصحاب الإعاقات أمام عجز كامل عن الحصول على أبسط مقومات الحياة أو أدوات المساعدة، بينما تتفاقم معاناتهم الجسدية والنفسية والاجتماعية دون أي أفق للحل.
وترى المراكز الحقوقية أن هذه السياسات الممنهجة تمثل فعلًا من أفعال الإبادة الجماعية، إذ ينص القانون الدولي على أن إلحاق أذى جسدي أو نفسي جسيم بأفراد جماعة محمية يندرج ضمن جرائم الإبادة، كما أن حرمان مبتوري الأطراف من العلاج والسفر يعد خرقًا مباشرًا لاتفاقيات جنيف الرابعة، وانتهاكًا صارخًا لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تكفل الحق في العلاج ووسائل الحركة والعيش بكرامة.
ولا تتوقف المطالبات الحقوقية للمجتمع الدولي والأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية عاجلة، وإلزام سلطات الاحتلال بإدخال الأدوات الطبية والأطراف الصناعية دون أي قيود. كما تعلو النداءات للمحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق عاجل في هذه الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم إبادة، وحثّ الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على ممارسة ضغط سياسي وقانوني جاد وحاسم لحماية حقوق ذوي الإعاقة في غزة.