يمثل اليوم العالمي للتوائم الملتصقة، الذي يصادف 24 نوفمبر من كل عام، فرصة مهمة لمناقشة قائمة الإعاقات الجسدية والذهنية. التي تعانيها هذه الفئة النادرة، وكذلك تسليط الضوء على التحديات الصحية والاجتماعية التي تواجهها منذ الولادة.
انتشار عالمي منخفض وتأثير صحي واجتماعي كبير
حسب دراسة واسعة أجرتها المؤسسة الدولية لرصد التشوهات الخلقية (icbdsr) نشرت عام 2011، بلغ معدل انتشار التوائم الملتصقة 1.47 حالة لكل 100,000 ولادة من بين أكثر من 26 مليون ولادة في 21 برنامج رصد حول العالم. هذا المعدل يُقارب التقدير الكلاسيكي الذي يضع نسبة حدوث هذه الظاهرة. بين 1 من كل 50,000 إلى 1 من كل 100,000 ولادة حية.
وعلى الرغم من ندرتها، إلا أن هذه الولادات تنطوي على مخاطر كبيرة من التشوهات والإعاقات. إضافةً إلى ذلك، تؤكد الأمم المتحدة في بيانها بمناسبة اليوم العالمي أن جزءًا كبيرًا من هؤلاء التوائم قد لا يعيشون طويلًا، مشيرةً إلى أن ما يقرب من 60٪ من المواليد الملتصقة يولدون أمواتًا (stillborn).

هذا الواقع يعكس مدى هشاشة هذه الحالات من الأساس، ويؤكد أن نسبة البقاء على قيد الحياة تعد منخفضة جدًا.
أنواع الإعاقات الناتجة وتحديات الرعاية والتأهيل
عندما ينجو التوائم الملتصقة من الولادة، غالبًا ما يواجهون تحديات صحية كبيرة، بسبب مشاركة الأعضاء الحيوية. من أبرز الدراسات أن حوالي 36٪ من التوائم الملتصقة يعانون من عيوب قلبية، حسب بيانات ICBDSR من الدراسة العالمية نفسها. هذه العيوب القلبية غالبًا ما تكون معقدة، مما يزيد من احتمال الإعاقة الجسدية، ويجعل الجراحة والفصل أمرًا صعبًا جدًا.
علاوة على ذلك، يشير بعض الأطباء إلى أن نسبة التوائم الملتصقة. التي تشترك في الجهاز الهضمي. قد تكون مرتفعة جدًا. فبحسب تصريح للدكتور سعود الجدعان، جراح أطفال متخصص، فإن نحو 40٪ من التوائم الملتصقة. لديهم التقاء في الأمعاء والكبد والقنوات المرارية.
كما أن الاتصال في البطن والأعضاء الهضمية قد يؤدي إلى مشكلات تغذوية، تأخر في النمو البدني، والتهابات مزمنة، كل ذلك يمكن أن يترجم إلى إعاقات جسدية طويلة الأمد.
من ناحية الذكاء والإعاقة الذهنية، لا تزال الأدلة المباشرة محدودة. ولكن، الخبراء الطبيون يحذرون من أن تشابك الأنسجة العصبية أو مواجهة مضاعفات. مثل نقص الأكسجين أثناء الولادة. قد يؤثر سلبًا على التطور المعرفي.

على سبيل المثال، قد تتطلب هذه الحالات مراقبة دقيقة. ورعاية عصبية مستمرة. ويشير بعض الأطباء إلى أن التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) بعد الولادة. يساعد في تقييم الأنسجة العصبية. والتنبؤ بالمضاعفات الذهنية.
الواقع أن التوائم الملتصقة التي نجت. تتطلب نهجًا طبيًا متعدد التخصصات؛ فالجراحة وحدها لا تكفي، بل هناك حاجة إلى برامج تأهيل فيزيائي ونفسي، ودعم مجتمعي مستمر، لأن بعضهم قد يعاني من إعاقات دائمة سواء جسدية أو ذهنية.
لماذا يجب تعزيز الجهود الدولية
في هذا السياق، يدعو الخبراء إلى تعزيز التوعية العالمية حول حالات التوائم الملتصقة، وليس فقط الاحتفال باليوم العالمي، بل أيضًا الاستثمار في البنية التحتية الصحية. يجب دعم البحث العلمي لفهم الأسباب، وتحسين تقنيات التشخيص منذ الأشهر الأولى من الحمل، وكذلك تقديم خدمات تأهيل طويلة الأمد لهؤلاء المرضى.
ومما يزيد الأمر أهمية، أن التعاون الدولي ضروري: نظراً لندرة هذه الحالات، لا يمكن لكل دولة أن تمتلك خبرات جراحية وتأهيلية متخصصة. لذلك، فإن الشراكة بين المراكز العالمية، يمكنها أن توفر خبرات جراحية نادرة، وتدريبًا للأطباء، بالإضافة إلى إنشاء برامج مشتركة لرعاية التوائم بعد العمليات.
علاوةً على ذلك، من المهم أن تتبنى المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، ومنظمات الصحة العالمية مبادرات لضمان إدماج التوائم الملتصقة في المجتمع، مع احترام كرامتهم وحقوقهم.
فالنهج الشامل مدى الحياة، كما تدعو إليه الأمم المتحدة، يمكن أن يقلل من الفجوات في الرعاية الصحية والاجتماعية لهؤلاء الأشخاص.
على الرغم من أن التوائم الملتصقة تعتبر ظاهرة نادرة. من الناحية الإحصائية، إلا أنها تفرض عبئًا صحيًا كبيرًا. بسبب الإعاقات الجسدية والذهنية. التي قد تنجم عنها. ومن ثم، أصبح من الضروري أن يكون التركيز ليس فقط على الولادة أو على عمليات الفصل، بل أيضًا على تأهيلهم ورعايتهم مدى الحياة، بالتعاون الدولي والدعم العميق من المجتمع الطبي والإنساني.


.png)


















































